والمانع من ذلك جاهل ضيق الباع ن العلم متغفل لخصمه وذلك قبيح جدا. فان تنازعا الكلام أو تنازعا التكلم مثل ان يقول كل واحد منهما: انا اسأل أو يقول كل واحد منهما للآخر: انت السائل فهذا عجز من كليهما وقلة ثقة، اما بالقوة على نصر القول الذي يريد بيانه واما بصحة القول بنفسه؛ فان كان من قلة ثقة بقوة نصره فليتسع في العلم ولا يتعرض للمناظرة حتى يقوى وهو كالجبان لا يحضر القتال فيوهن طائفته؛ فان كان من قلة ثقته بصحة القول فهذا ملوم جدا في الاقامة على قول لا يثق بصحته وواجب عليهما بالجملة الاتفاق على أمر يفتتحان به الكلام.
واما نحن فطريقنا في ذلك تخيير الخصم ان يكون سائلا أو مسئولا فايهما تخير اجبناه، فان رد الخيار الينا اخترنا بأن يكون هو السائل لان هذا العمل هو اكثر قصد الضعفاء وعمدة مرغوبهم وهم يضعفون إذا سئلوا، فنختار حسم أعذارهم وتوفيتهم اقصى مطالبهم التي يظنون انهم فيها اقوى ليكون ذلك اقوى في قطع معالقهم. ثم انه ان بدا له في ذلك واختار ان يسأل أجبناه إلى ذلك أيضاً، إلا اننا لا نقضى بذلك على غيرنا لأنه ليس واجبا فمن تخير ان يكون سائلا واذن له خصمه من ذلك فله ان يسأل وليس ان يتحكم فيترك ذلك [84 ظ] وينتقل إلى ان يكون مسؤولا؛ فان فعل فهذا عجز وخرق في حكم المناظرة ونحن نختار للفاضل ان لا يضايق في ذلك رغبة منا في اظهار الحق، وقلة سرور بالغلبة. وهكذا يجب لكل من اتبع طريقنا. ومن اذن لخصمه في ان يكون السائل فواجب عليه في حكم المناظرة ان يجيب فان لم يفعل فعن ظلم أو جهل الا ان يكون هناك امير مخوف يمنع من البوح بالجواب فلسنا نتكلم مع المخاوف، وإنما المناظرة مع الامن، الا من بذل نفسه لله تعالى وعرف ما يطلب وما يبذل من ذلك فله الفوز ان اراد نصر الاسلام أو الحق فيما اختلف فيه المسلمون فقط. ولا ارى ان ينزل المسلم العاقل عن نفسه، فلا شيء موجود في وقته من الخالق اعز عليه منها ولا أوجب حرمة الا فيما فيه فوزها الابدي فقط، فالعاقل لا يرى لنفسه ثمنا الا الجنة.
ومن سأل فأجابه خصمه فسكت عن المعرضة فهذا مكان قد انقطعت فيه المناظرة التي ابتدآها الا ان تستأنف أخرى، اللهم الامن خوف كما قدمنا، الا ان