قولهم فلو انهم مع اساءتهم من فعلهم يذمون الحقائق لتضاعف مقتهم لتضاعف اساءتهم، نعوذ بالله من الخذلان. واذ قد اتينا من هذا الغرض بجملة كافية؟ على ان الكلام في ذلك يطول جدا ويتسع - فلنقطع، على مذهبنا في هذا الديوان في الاختصار والبيان ان شاء الله عز وجل، ولنأخذ بحول خالقنا في كيفية المناظرة ووجوهها المحمودة والمذمومة ومراتبها فهي متعلقة بما تقدم اشاء الله تعالى.

17 - باب اقسام السؤال عما تريد معرفة حقيقته مما يرتقى إليه

بالدلائل الراجعة إلى الاوائل التي قدمنا

اعلم انه لا يوصل إلى معرفة حقيقة بالاستدلال الا بالبحث والبحث يكون عن فكر الواحد ويكون عن تذكر من اثنين اما من معلم إلى متعلم واما من متناظرين مختلفين متباحثين وهذا الوجه هو آخر ما نتوصل به إلى بيان الحقائق بكثرة التقصي فيه وانه لا يبقى توفيته حقه بقية أصلاً. فنقول وبالله تعالى التوفيق وبه نتأيد:

اعلم انه لا بد اول السؤال عن كل مسئول عنه مما يترقى إليه بالدلائل الراجعة إلى الاوائل التي قدمنا سؤالات اربع ولكل منها من الجواب: فاولها السؤال " بهل " فنقول: هل هذا الشيء موجودا اولا وهل امر كذا حق ام لا فلا بد للمسئول حينئذ من جواب ضرورة بلا أو نعم؛ فان قال لا أو قال لا ادري سقط السؤال عنه، على كل حال، لان الشيء المسئول عنه لا يخلو من ان يكون مما يدرك بالعقل وبالحواس أو مما يدرك بالتوالي من المقدمات التي وصفنا، فان كان مما يدرك بالحواس أو العقل فالكلام مع منكر ذلك عناء وكذلك مع من شك فيه. وان كان مما يدرك بالتوالي فالسؤال أيضاً عنه ساقط لا لأنه مغلوب ولكن [لأنه] لم يثبت شيئا فيتمادى (?) معه في البحث عنه ولانه قد صدق عن نفسه إذ قال لا ادري؛ ولا سبيل إلى ان يقال لأحد فيما ليس

طور بواسطة نورين ميديا © 2015