تعالى التوفيق، وله الحمد ومنه الاستزادة من جميل مواهبه. والخطأ في ذلك يشمله الباطل وتنفرد هذه الجملة بالنكال في الدار الآخرة لمن عاند وترك البحث وهو قادر عليه.
واعلم أن المتقدمين سموا المقدمات " قياسا ". فتحيل اخواننا القياسون حيلة ضعيفة سوفسطانية أوقعوا اسم القياس على التحكم والسفسطة، فسموا تحكمهم بالاستقرار المذموم قياسا، وسموا حكمهم فيما لم يرد فيه نص بحكم شيء آخر مما ورد فيه نص لاشتباههما في بعض أوصافهما قياسا واستدلالا واجراء للعلة في المعلول. فأرادوا تصحيح بأن الباطل بأن سموه باسم أوقعه غيرهم على الحق الواضح كالذي بلغنا عن بعض جهال البربر أنه أراد استحلال أكل خنوس صاده بأن سماه باسم ولد الأيل. وقد جاء عن الرسول، عليه السلام، أنه أنذر بقوم يستحلون الخمر يسمونها بغير اسمها. وهذه حيلة مموهة لا تثبت على التخليص. وقد قلنا قبل انه ليس في العالم شيئان الا وبينهما شبه وافتراق ما ضرورة لا بد من ذلك. فان كان الشبه يوجب استواء الحكم فلنحكم لكل ما في العالم بحكم واحد في كل حال من أجل اشتباهه في صفة ما ولم كان الاجتماع في الشبه يوجب استواء الحكم ولم يكن الافتراق في الشبه يوجب اختلاف الحكم؟ فيجب على هذا أن لا نحكم لشيئين أصلا بحكم واحد لأجل اختلافهما في صفة ما. وكل هذا خطأ وحيرة ومؤد إلى التناقض والضلال، ونعوذ بالله من ذلك كله، ولا حول ولا قوة الا بالله.
15 - باب زيادة الكلام في بيان السفسطة
وسمت الأوائل ما أخذ من مقدمات فاسدة " سفسطة ". ونحن نبين منها وجوها كافية بحول الله الواهب للعلم وقوته، لا إله الا هو.
واعلم أن المشغب الناصر للباطل أعظم سلاحه التلبيس وذلك يكون اما بايجاب مالا يجب، واما باسقاط قسم من الأقسام أو لأكثر من قسم، واما زيادة قسم فاسد [78 ظ] ، أو بأن يأتي بأقسام كلها فاسدة، واما أن يتعلق بلفظ مشترك متفق على صحته يعطي أشياء كثيرة مختلفة الأحكام والصفات ومتفقة أيضا في أشياء كثيرة مختلفة الأحكام والصفات ومتفقة أيضا في أشياء؛ فيريد أن