والسبع طويل الذنب فيصلح أيضاً لحراسة الماشية. وهذا يكثر جدا وفيما ذكرنا كفاية. ومثل هذا قد استعمله خلق كثير فحرموا به وأحلوا وتحكموا في دين الله تعالى. وذلك مثل حكمهم بأن الكيل علة التحريم في الربا، وتحكم آخرين بأن الادخار علة التحريم في الربا، وقال آخرون: الاكل (?) هو علة التحريم في الربا؛ فهل هذا [إلا] كالذي ذكرنا قبل سواء. وكذلك ان وجدنا صفة في موصوف ولذلك الموصوف حكم ما، فإذا ارتفعت تلك الصفة ارتفع ذلك الحكم فانه ليس واجبا من اجل هذا فقط أن يكون ذلك الموصوف متى وجدت له تلك الصفة وجدله ذلك بل لعله قد توجد له تلك الصفة ولا يوجد له ذلك الحكم. مثال ذلك: إن الحياة إذا لم تكن موجودة قط في جسم ما فواجب ضرورة أن ذلك الجسم ليس لنسانا بلا شك؛ فان اراد امرؤ ان يجري على الطريق الذي ذممته لزمه ان يقول: فالحياة إذا وجدت في جسم ما وجب ان يكون إنسانا وهذا كذب بحث. ومثال ذلك في الشريعة: ان ملكك إذا ارتفع عن شيء فقد صار ملكه إلى غيرك، أو صح انه لا ملك لمخلوق عليه، فهو أحق؛ فإذا ارتفع ملك غيرك عنه لم يلزم ان يصح ملكه لك أو انه لا ملك لمخلوق عليه، بل لعله يملكه ثالث غيركما.
وأعلم ان المساحة في طلب الحقائق لا تجوز البتة، وإنما هو حق أو باطل لا يجوز ان يكون الشيء حقا باطلا، ولا باطلا حقا، ولا باطلا لا حقا. فإذا بطل هذان القسمان ببديهة العقل ضرورة ثبت القسم الثالث إذ لم يبق قسم سواه وهو اما حق واما باطل. ولذلك قال لنا الأول الواحد عز وجل في عهوده الينا: (فما [77ظ] ذا بعد الحق الا الضلال) (32 يونس: 10) .
ولعل جاهلا يعترض علينا في شيئين فيقول: انتم تقولون باباحة اشياء كالغناء وغير ذلك فحق هي ام باطل؟ فالجواب وبالله تعالى التوفيق: ان كل ما أنجناه إذا فعله الفاعل ترويحا لنفسه وعونا على الصحة والنشاط ليقوى على انفاذ اوامر خالقه عز وجل فهذا كله حق؛ واذا فعله عبئا وأشرا فكل ذلك ضلال. الا ان من الضلال ما هو لغو غير معدود علينا رفقا بنا، ومنه ما هو معدود