اخبرني [مخبر] انه عنده وجود فرس يجتر، ولم يوجد قط ذو قرن الا وهو مشقوق الحافز حاشا الحمار الوحشي فهو ذو قرن غير مشقوق الحافر؛ ومثل هذه الامور التي لا توجبها الطبيعة فهي في حد الممكن الا انها على قدر قلة وجودها وكثرته تدخل في الممكن البعيد أو المتساوي القريب. ونجد مضيئة حمراء حارة، فمن قال ان الضياء علة الاحراق أريناه اشياء مضيئة كالمرايا وغيرها وهي غير محرقة، ومن قال الحمرة علة الاحراق أريناه الدم غير محرق، ومن قال الحرارة علة الاحراق اريناه اشياء تحر الجسم ولا تحرق. فوجب ضرورة ان لا يكون شيء مما ذكرناه علة وهي صفات مطردة كما ترى؛ لكن كل عنصر بسيط حار يابس صعاد مضيء مصعد للرطوبات يسفل بالقهر ويستحيل هواء فهو محرق بلا شك، لان طبيعة العقل تقتضي ذلك. ومن سلك الطريق التي نهينا عنها لم يسلم من حيرة أو تناقض أو تحكم بلا دليل. ومما قاد إليه أيضاً هذا الاستدلال الفاسد قوما أن قالوا: لما كنا احياء ناطقين وكانت الكواكب اعلى منا وفي اصفى مكان كان تأثيرها ظاهرا فينا وكانت اولى بالحياة والنطق منا فهي احياء ناطقة عاقلة. فيلزمهم على هذا البرهان الفاسد انهم لما وجدوا كل عاقل مميز ناطق حي فيما بيننا إنما هو لحم ودم وذو دماغ وقلب لا يجوز غير ذلك ولا شاهدوا قط حيا الا هكذا الا أن يقطعوا ان الكواكب والملائكة مركبون من لحم ودم وذوو أدمغة وقلوب لأنها أحياء ناطقة. وكل هذا خطأ لأنه ليس من اجل شرفنا على الحجارة وأننا نؤثر فيها وجب لنا النطق والحياة، ولا من اجل اننا ناطقون احياء وجب ان نكون لحما ودما. ولكنا لما كنا مميزين متعرفين حساسين وجب [77و] لنا اسم النطق والحياة عبارة عن حالنا تلك وتسمية لها. وموه أيضاً بعضهم فقال مثبتا لسكنى النفس في الدماغ ان الملك ابدا إنما يسكن في القصاب العالية، والنفس ملك البدن، والدماغ أعلى البدن، فالنفس فيه. وكم رأينا ملكا لا يسكن الا الحضيض من عمله ويدع القصاب. فعارضه محير مثله فقال مثبتا لأنها في القلب: ان الملك ابدا إنما يسكن وسط عمله، والقلب وسط البدن، [لذا] وجب ان تكون النفس فيه. وكم ملك سكن طرف عمله أو قرب عمله وترك الوسط. وهذا كله تحكم ضعيف. وكمن قال: وجدت الكلب طويل الذنب فيصلح أيضاً لحراسة الغنم،.