النوع خاليا من تلك الصفة. وكذلك أيضاً لم يأت لفظ في الحكم بأنه ملازم لكل شيء مما فيه تلك الصفة فيقطع قوم من اجل ما ذكرنا على ان كل اشخاص ذلك النوع، وان غابت عنهم، ففيها تلك الصفة وان كل ما فيه تلك الصفة من الاشياء فمحكوما فيه بذلك الحكم. ولعمري لو قدرنا على تقصي تلك الاشخاص أولها عن آخرها حتى نحيط علما بأنه لم يشذ عنا منها واحدة فوجدنا هذه الصفة عامة لجميعها لوجب أن نقتضي بعمومها لها، وكذلك لو وجدنا الاحكام منصوصة على كل شيء فيه تلك الصفة لقطعنا به أنها لازمة لكل ما فيه تلك الصفة، واما ونحن لا نقدر على استيعاب ذلك ولا نجده أيضاً في الحكم منصوصا على كل ما فيه تلك الصفة فهذا تكهن من المتحكم به وتخرص وتسهل في الكذب وقضاء بغير علم وغرور للناس ولنفسه أولا التي نصيحتها (?) عليه اوجب. ونمثل لذلك مثالا عيانيا فنقول وبالله التوفيق:
وصف الموصوف بالصفة ينقسم قسمين: احدهما صفة لا بد للموصوف منها ضرورة كعلمنا يقينا ان كل ذي روح فمتنفس وكل متنفس فذوا آلة يتنفس بها اما بقبض الهواء أو يدفعه واما يقبض بها فيدفعه ان كان من سكان الماء فهذا قسم قائم في العقل معلوم ضرورة ولا محيد عنه ولو عدمت النفس الآلة لفارقت الجسد. والقسم الثاني قد توجد ملازمة للموصوف بها ولو عدمت لم تضره كالمرارة فانك ان بقرت اكثر اصناف الحيوان وجدتها فيها الا الجمل فانه لا مرارة له، وقد ذكر قوم أن الفرس لا [74و] طحال له. وكالعلم الفاشي بين الناس اننا لم نشاهد بغلة ولا بغلا (?) يولد، وككوننا لم نجد قط كبشا من الضأن ذا لحية. وقد اخبرني مخبر في مجلس بعض الرؤساء أنه شاهد بغلة ولدت في بلد وشهد له صحة ذلك قوم كانوا في تلك الناحية.
واخبرني من اثق به أنه رأى كباشا بلحى وتيوسا بلا لحى وأنا رأيت سنينيرا صغيرا ولد جسدين متميزين منحازين تامين لا ينقص منهما عضو أصلا، في كل جسد ذنب ويدان ورجلان يجمعهما رأس واحد ليس فيه عينان وأذنان وفم واحد، ورأيت أيضاً فروجا وفرخ اوزة تفقست البيضتان عنهما ولكل واحد منهما أربعة أرجل وأريت الفروج جماعة كانوا معي. فالقطع على أن هذا لا يكون هو التحكم المذموم الذي قد يخون.