هو ابطل نفسه ولو صحح إبطاله لنفسه لكان صحيحا، ولو كان صحيحا لم يكن باطلا، وقد قدمنا ان صحة موجب العقل لم يعلم لها سبب اكثر من ثباتها في النفس ضرورة ولا محيد عنها، ولم يثبت العقل بالعقل لكن بالضرورة التي لاقت التمييز الذي [لا] يتقدمها (?) البتة. وقد يدخل أيضا في الاستدلال شيء يسمى " بالاستدلال بالمعلوم على العلة " كمن اراد ان يقيم البرهان على وجود النار بالدخان الذي هو متولد عن النار وعن فعلها، والعلة اظهر في العقول من المعلول، الا انه إذا كان السائل جاهلا بكون العلى علة، وكان عالما بأن المعلول متولد عن العلة فواجب حينئذ ان يحقق عنده بأن هذا الشيء علة لهذا الآخر باستنباط المعلول بها وكونه موجودا بوجودها. ولو أن امرءا رأى دخانا على بعد فقال: في ذلك المكان نار ولا بد لأني ارى هنالك دخانا قد سطع لكان مستدلا بحقيقة الاستدلال. وهذا لم يستدل على أن كلية النار موجودة من اجل الدخان لكن علم ان المعلول لا يوجد الا وعلته موجودة، فلما رأى الدخان وهو المعلول علم أن العلة هناك وهي النار، وبالله تعالى التوفيق [73 ظ] .

14 - ذكر اشياء عدها قوم براهين وهي فاسدة

وبيان خطأ من عدها برهانا

فمن ذلك شيء سماه الاوائل " الاستقراء " وسماه اهل ملتنا " القياس " فنقول وبالله تعالى التوفيق: إن معنى هذا اللفظ هو ان تتبع بفكرك اشياء موجودات يجمعها نوع واحد وجنس واحد ويحكم فيها بحكم واحد فتجد في كل شيء من اشخاص ذلك النوع أو في كل نوع من انواع ذلك الجنس صفة قد لازمت كل شخص مما تحت النوع أو في كل نوع تحت الجنس أو في كل واحد من المحكوم فيهم، الا انه ليس وجود تلك الصفة مما يقتضي العقل وجودها في كل ما وجدت فيه، ولا تقتضيه طبيعة ان تكون تلك الصفة فيه ولا بد، بل قد يتوهم وجود شيء من ذلك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015