و"هكَذَا" في التشبيه كما ذكره صاحب الانتصاف أن "كَأَنَّ" تفيد قوة الشبه حتى كأن المتكلم شكيك نفسه في تغايرهما، و"هَكَذَا" تفيد الجزم بتغايرهما، والحكم بوقوع التشبيه بينهما؛ فلذلك عدلت عنها".
وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ:
الواو: للعطف على محذوف مقدَّر فهي الفصيحة، أو للاستئناف. أُوتِينَا: فعل ماض، ونَا: في محل رفع نائب عن الفاعل. العِلمَ: مفعول ثان منصوب.
مِن قَبلِهَا: جارّ ومجرور، متعلّق بـ "أُوتِينَا".
وَكُنَّا مُسْلِمِينَ: الواو: للعطف. كُنَّا: فعل ماض ناسخ. ونَا: في محل رفع، اسمه. مُسْلِمِين: خبر (الكون) منصوب، وعلامة نصبه (الياء).
- وفي قوله: "وأُوِتِينَا العِلمَ ... " وما عطف عليه وجهان:
الأول: أنه من تمام كلام بلقيس، فهو في محل نصب مقول قول. والمعنى: وأوتينا العلم بنبوة سليمان من قبل هذه المعجزة والحال الدالة عليها.
والثاني: أنه عطف على محذوف مقدَّر على أنه من كلام سليمان أو من كلام أتباعه. كأنهم قالوا عند سماعها تقول: كأنه هو: إنها أصابت في جوابها، ثم عطفوا على ذلك قولهم: وأوتينا العلم من قبلها.
وإلى هذا ذهب الزمخشري فقال: "فإن قلت: عَلامَ عُطِفَ هذا الكلام، وبِمَ اتَّصل؟ قلتُ: لمّا كان المقام الذي سئلت فيه عن عرشها وأجابت بما أجابت به مقامًا أجرى فيه سليمان وملؤه ما يناسب قولهم: "وَأُوتِينَا العِلمَ"، نحو أن يقولوا عند قولها: "كَأَنَّهُ هُوَ" قد أصابت في جوابها، وطَبَّقت المِفصَل، وهي عاقلة لبيبة، وقد رزقت الإسلام، وعلمت قدرة الله وصحة النبوة بالآيات التي تقدَّمت عند وَفْدة المُنْذِر وبهذه الآية العجيبة من أمر عرشها، عطفوا على ذلك قولهم: وأُوتِينا نحن العلم بالله وبقدرته وبصحة ما جاء من عنده قَبل علمها، ولم نزل على دين الإسلام؛ شكرًا لله على فضلهم عليها، وسبقهم إلى العلم بالله والإسلام قبلها" انتهى كلام الزمخشري.
وقد ظاهر الشهاب قول الزمخشري، فقال: "ومحصله أن في الكلام طيًّا لما