* وجملة: "هَلْ نَحْنُ مُنظَرُونَ" في محل نصب مقول القول.
وللجمل في حاشيته رأي في الآيات السابقة يقع به قريبًا من الزمخشري بتأويل. قال: "قوله: "حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الأَلِيمَ" مقدّم من تأخير. وأصل الكلام: حتى يأتيهم العذاب بغتة فيرونه فيقولوا: هل نحن منظرون، أي: مؤخّرون عن الإهلاك ولو طرفه عين لنؤمن؟ فيقال لهم: لا. لا تأخير ولا إمهال ... وظاهر النظم يدل على أن مفاجأة العذاب واقعة عقيب رؤيته، ويكون سؤال الإنظار واقعًا عقيب مفاجأته. وليس كذلك. بل الذي يقع أولًا هو المفاجأة، ثم الرؤية، ثم سؤال الإنكار. فوجب ألا تكون الفاء للترتيب الزماني، بل للترتيب الرتبي كما في الكشاف، بأن يكون المعنى: لا يؤمنون بالقرآن، حتى يروا العذاب الأليم، فما هو أشد من رؤيته وهو لحوقه بهم مفاجأة، فما هو أشد منه، وهو سؤالهم الإنظار مع القطع بامتناعه". والله أعلم.
{أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ (204)} (?)
الهمزة: للاستفهام. الفاء: عاطفة على مقدّر يقتضيه المقام. تقديره عند أبي السعود: "أيكون حالهم كما ذكر من الاستنظار [يعني طلب الإمهال] عند نزول العذاب الأليم فيستعجلون بعذابنا، وبينهما من التنافي ما لا يخفى على أحد. أو أَيَغفلون عن ذلك مع تحققه وتقريره فيستعجلون ... إلخ".
بِعَذَابِنَا: جارّ ومجرور، وهو متعلّق بـ "يستعجلُونَ". ونَا: في محل جر بالإضافة. يسَتعجِلُونَ: مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ثبوت النون، والواو: في محل رفع فاعل. قال أبو السعود: "إنما قُدِّمَ الجارّ والمجرور للإيذان بأن مصبَّ الإنكار والتوبيخ كون المُستعجَل به عذابه تعالى، مع ما فيه من رعاية الفواصل.