منه؛ لأنه متى لم يُتَوهَّم ذلك لم يقع الاستثناء؛ ولهذا منعوا (مَهَلت الخيلُ إلا الإبلَ) إلا بتأويل. ووافقه الشهاب فقال: ودليله ظاهر، لأن المستثنى لا بد من دخوله في المستثنى منه ولَوْ تَوهُّما".

الثاني: أن "مَنْ" في محل نصب مفعول به لقوله: "لَا يَنْفَعُ"، والاستثناء مفرغ، وتقديره: لا ينفع المال والبنون إلا هذا الشخص، فإنه ينفع ماله المصروف في وجوه البر، وبنوه الصلحاء؛ لأنه علمهم وأحسن إليهم، ويجوز على هذا أن يكون التقدير: إلا مَنْ أتى الله بقلب سليم من فتنة المال والولد.

الثالث: أن "مَنْ" في محل نصب بدل من المفعول المحذوف، أو مستثنى منه، وتقديره: لا ينفع مال ولا بنون أحدًا إلا مَنْ كانت هذه صفته. وحذف المستثنى جائز.

الرابع: أن يكون "مَنْ" في محل رفع بدلًا من فاعل "يَنْفَعُ"، وفي هذا الوجه طريقان: إحداهما طريقة التغليب، وهو أن يغلب البنون على المال، فكأنه قيل: لا ينفع البنون إلا من أتى من البنين بقلب سليم؛ فإنه ينفع نفسه بصلاحه وغيره بالشفاعة.

الخامس: وهو الطريقة الثانية من الوجه الرابع، فيكون "مَن" في محل رفع بدلًا من فاعل "يَنْفَعُ"، ولكن بأن نقدّر مضافًا محذوفًا قبل "مَن"؛ أي: (إلا مالُ مَنْ ... ) أو (بنو مَنْ ... ) ".

وقد نبَّه السمين إلى أن العكبري قد خلط بين الوجهين الرابع والخامس فجعلهمَا وجهًا واحدًا؛ إذ فَسَّر إعراب "مَنْ ... " في محل رفع بدلًا من فاعل "يَنْفَعُ" فقال: "فيكون التقدير: (إلا مالُ من) أو (بنو من)؛ فإنه ينفع نفسه وغيره بالشفاعة.

السادس: أن "مَن" في محل نصب، والاستثناء متّصل. وإليه ذهب الزمخشري، ووجَّهه بطريقين:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015