الثالث: أنه على حذف مضاف تقديره: أصحاب أعناقهم. وهو ركيك عند الشهاب. والأَوْلَى عنده أن يقال: إنه اكتسب حكم العقلاء من إضافته إلى ضمير العقلاء، كما يكتسب المضاف التأنيث بإضافته إلى مؤنث.
الرابع: قال الزمخشري: "أصل الكلام فظلوا لها خاضعين. فأقحمت الأعناق لبيان مواضع الخضوع وترك الكلام على أصله". وضعفه السمين.
الخامس: أن (أعناق) عوملت معاملة العقلاء لما أسند إليهم ما يكون من فعل العقلاء، كقوله تعالى: {وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ} [يوسف: 4] وقوله: {أَتَيْنَا طَائِعِينَ} [فصلت: 11].
السادس: قال العكبري في تعليل ذلك متابعًا الكسائي وابن الأنباري وضعفه النحاس: "لأن "خَاضِعِينَ" يكون جاريًا على غير فاعل (ظلت)، فيفتقر إلى إبراز ضمير فاعل، فكان يجب أن يكون: خاضعين هم. ورده السمين فقال: "ولم يجر "خَاضِعِينَ" في اللفظ والمعنى إلا على مَنْ هو له، وهو الضمير في "أَعنَاقُهُم"، والمسألة التي قالها هي أن يجري الوصف على غير من هو له في اللفظ دون المعنى، فكيف يلزم ما ألزمه به؟ على أنه لو كان كذلك لم يلزم ما قاله؛ لأن الكسائي والكوفيين لا يوجبون إبراز الضمير في هذه المسألة إذا أُمِن اللبس".
السابع: أن (الأعناق) جمع (عُنُق) من الناس، وهم الجماعة؛ فليس المراد الجارحة ألبتة.
الثامن: ذهب الفراء إلى وجه آخر فقال: "وأحب إليَّ في العربية أن الأعناق إذا خضعت، فأربابها خاضعون، فجعلت الفعل أولًا للأعناق، ثم جعلت "خَاضِعِينَ" للرجال".
- وقوله: "فَظَلَّتْ أَعنَاقُهُم" في محله قولان:
الأول: أن الفاء للعطف؛ فالفعل الماضي في محل جزم، عطفًا على الفعل المجزوم في جواب الشرط، وهو "نُنَزِّل". وقد جوّز الفراء العطف