السادس "هو فاعل "اسْتَوَى".
فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا:
الفاء: فصيحة عاطفة على محذوف مقدَّر. ويأتي اختلاف الأقوال في تقدير المحذوف. اسْأَلْ: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر تقديره (أنت).
بِهِ: الباء: جارة. والهاء: في محل جر به. واختلف في "الباء"، ومرجع الهاء، والمراد بالخبير، كما اختلف في متعلّق الجار، أهو متعلق بـ "اسْألْ" أم متعلّق بـ "خَبِيَرًا". وفيما يأتي تفصيل وبيان:
أما الخلاف في (الباء) ففرعٌ عن الخلاف في متعلّق الجار. فمِمَّن ذهب إلى أنه متعلّق بـ "اسْأَلْ" من جعل الباء بمعنى (عن) مطلقًا وهو مذهب الزجاج، وأنكره عليه الأخفش. ومن جعلها بمعنى (عن) في السؤال خاصة. والمعنى: اسأل عنه؛ أي: (عن الله تعالى)، أو عمّا ذكر من خلق السموات والأرض والاستواء على العرش "خَبِيَرًا". والخبير على هذا إما الله سبحانه فهو الخبير بالأمور العالم بحقائقها. وإما الرجل العارف، وإما أنّ المقصود (جبريل) عليه السلام، والخبير من صفاته. ومن جعل الباء للتجريد - كالزمخشري - حمله على معنى "لقيت به أسدًا" أي: برؤيته.
وذهب قوم إلى أن (الباء) على بابها بمعنى الإلصاق المجازي، وهي معلّقة بـ "خَبِيَرًا"، ويكون المعنى اسأل خبيرًا به.
خَبِيَرًا: في نصبه أقوال هي فرع عن الخلاف في معنى (الباء) ومتعلّقه، ومرجع الضمير في "بِهِ". وهذه هي:
الأول: أنه مفعول به لـ "أسْأَلْ" والجار متعلّق به، أي: اسأل خبيرًا به.
الثاني: أنّه نعت لمفعول محذوف كأنه قيل: فاسأل عنه إنسانًا خبيرًا.
الثالث: أنه منصوب على الحال المؤكدة. ولا يكون حالًا منتقلة على رأي ابن عطية؛ لأن صفات الباري لا تتغير. والطلب هنا بمعنى السؤال، و (الهاء) عائد على الله سبحانه، وتقديره فاطلبه خبيرًا، أي: عالمًا بالبواطن والحقائق.