الثاني: أنه مفعول ثالث للجعل، لا بمعنى أن (جَعَلَ) تتعدى إلى ثلاثة مفاعيل، بل بمعنى أنه مفعول بعد مفعول كالخبر بعد الخبر.
وإلى ذلك ذهب الزمخشري فهو عنده كقولك: حلو حامض، والمعنى: فَجَعَلْنَاه جامعًا بين حقارة الهباء والتناثر. وهو من قبيل قوله تعالى: "كوُنُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ" [الأعراف/ 166]، أي جامعين للمسخ والخسء. وهو مردود عند أبي حيان قياسًا على ما منعه ابن درستويه من تعديد خبر (كان).
{أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا (24)} (?)
أَصْحَابُ: مبتدأ مرفوع. الْجَنَّةِ: مضاف إليه مجرور. يَوْمَئِذٍ: ظرف منصوب أو مبني على الفتح في محل نصب، وإِذْ: في محل جر بالإضافة، والتنوين عوض عن محذوف، تقديره: "يوم إذ يكون ما ذكر من عدم التبشير وقولهم حجرًا محجورًا". قاله أبو السعود.
خَيْرٌ: خبر مرفوع. وقد اختلف في اسم التفضيل. فقال قوم: هو على بابه ففيه مفاضلة بين حالين، وساقوا لذلك أكثر من تأويل. وقال قوم: هو تفضيل بين شيئين لا شركة بينهما فهو لمجرد الوصف من غير مفاضلة.
مُسْتَقَرًّا: تمييز منصوب إذا جعلت اسم التفضيل على بابه. ومنصوب على الظرفية إذا جعلته على غير بابه. وتقديره: لهم خيرُ مستقرٍّ. كذا جاء في القرطبي.
وَأَحْسَنُ: الواو: للعطف. أَحْسَنُ: معطوف على الخبر مرفوع. وفيه الخلاف السابق ذكره في "خَيْرٌ". مَقِيلًا: منصوب على التمييز أو الظرفية كما تقدَّم بيانه في "مُسْتَقَرًّا".