والمصدر المؤول "أَنْ تُصِيبَهُمْ" في محل نصب بـ "يَحْذَرِ". والمعنى فليحذر المخالفون إصابتهم بفتنة. قال السمين: "وهو الوجه الأشهر الذي لا يعرف النحاة غيره".

الثاني: أن فاعل "يَحْذَرِ" ضمير مستتر يعود على الموصول الأول؛ أي: "الَّذِينَ يَتسَلَّلُونَ"، والمعنى: فليحذر المتسللون المخالفين عن أمره، فيكون أمرًا للمتسللين باجتنابهم، كما يؤمر باجتناب الفساق. وفي هذا التخريج اعتراضات اعترض بها على هذا الوجه، ومنها أن الضمير المستتر مفرد، والعائد عليه جمع، وأن المتسللين هم المخالفون فكيف يحذر هؤلاء من أولئك وهم شيء واحد؟

الثالث: أن فاعل "يَحْذَرِ" هو "الَّذِينَ يُخَالِفُونَ"، ومفعوله محذوف وتقديره "أنفسهم"، فهم مأمورون بمخالفة أهوائهم. و"أَن تُصِيَبهُمْ" مصدر مؤول في محل نصب مفعول لأجله، وتقديره: كراهة أن تصيبهم أو مخافة أن تصيبهم. وقال السمين في مثله: الأول أوْلى.

وفي تعدية (خالف) بـ "عَن"، خلافًا للأصل، وهو تعديته بنفسه أو بـ "إلى" أقوال

الأول: أنه مضمن معنى "صَدّ"، أو "أعرض"، أو "خرج" فعدي بـ "عَن" لذلك.

الثاني: ذهب ابن عطية إلى أن المعنى يخالفون بعد أمره؛ كقولك: كان المطر عن ريح كذا؛ أي: بعده.

الثالث: ذهب الأخفش إلى أن "عَنْ" هنا مزيدة. وعقب السمين بقوله: "الزيادة خلاف الأصل".

الرابع: قال الشهاب: "خالفهُ إلى الأمر ذهب إليه دُونه، وخالفه عن الأمر إذا صدّ عنه دُونه"، ولم يستبعد الشهاب القول بالتضمين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015