{إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (5)} (?)
{إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا}:
إِلَّا: أداة استثناء. واختلف فيه: أهو استثناء متصل أو منقطع. وبني على ذلك الخلاف في الحكم الفقهي، وفي محل "الَّذِينَ" من الإعراب. وتحرير المسألة أن الاستثناء أعقب جملًا ثلاثًا: الأمر بالجلد، ورد الشهادة، والتفسيق، فعلى أي شيء يرجع الاستثناء؟ . ذهب ابن مالك إلى أن الاستثناء يرجع إلى الجمل كلها كالشرط؛ فالتائب المصلح على ذلك ينقلب غير محدود ولا مردود ولا مفسَّق. وذهب المهاباذي إلى رجوعه للجملة الأخيرة فقط، وأن ذلك ما يقتضيه ظاهر الآية وما يعضده كلام العرب، وهو الرجوع إلى الجملة التي تليها. وذكر الجمل وقوع الاتفاق "على عدم رجوع الاستثناء إلى الأولى، وهو قوله: "فَاجْلِدُوهُمْ"؛ فالجلد عن الجميع تاب أو لم يتب، والخلاف على الجملة الأخيرة".
الَّذَينَ: في إعرابه ثلاثة أوجه:
الأول: أنه في محل نصب وجوبًا؛ فهو استثناء متصل مستوف لأركانه على معنى: إلا التائبين وهو قول أبي حنيفة رحمه الله.
وعلى ذلك يرد جواب الشرط "فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ" على مجموع الجمل الثلاث، ويكون الموصول في "وَالَّذِينَ يَرْمُونَ ... " مضمنًا معنى الشرط. وذهب آخرون، ومنهم أبو حيان وأبو السعود إلى أنه واجب النصب استثناء من الفاسقين، كما ينبئ عنه التعليل الآتي.