ولم يذكر العكبري غير الأول.
و"مِن" فيه لابتداء الغاية. من طِينٍ: جار ومجرور. وفي تعلقه أقوال:
أحدها: أنه متعلق بمحذوف صفة "سُلَالَةٍ".
والثاني: متعلق بنفس "سُلَالَةٍ"، والمعنى: مسلولة من طين.
والثالث: متعلق بـ "خَلَقنَا"، وعلى هذا يكون بدلًا من "مِن" الأولى بتكرار الحرف، والمعنى أن السلالة هي نفس الطين.
وفي معنى "مِن" الأولى إجماع على أنها للابتداء. وأما "من" الثانية ففي معناها اختلاف. قيل هي كالسابقة للابتداء وذهب الزمخشري إلى أنها بيانية كقوله تعالى: "فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ" [الحج: 30]. وفرَّق ما بينهما -بعبارة أبي حيان- أنها "لا تكون للبيان إلا إذا قلنا: السلالة هي الطين. أما إذا قلنا إنه أُنْسِل من الطين فـ "مِن" لابتداء الغاية".
وقال فيها الشهاب: "مِن" تبعيضية أو ابتدائية أو بيانية".
{ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (13)} (?)
ثُمَّ: عاطفة مفيدة للترتيب والتراخي. جَعَلْنَاهُ: فعل ماض يجوز أن يكون للتصيير؛ والمعنى: صيرنا ما سيصير إنسانًا على المجاز نطفة. أو هو بمعنى "خلق" ناصب لمفعول واحد. نَا: في محل رفع فاعل. الهاء: في محل نصب مفعول أول للجعل على معنى التصيير. أو مفعول أوحد، والجعل على معنى الخلق.
والضمير عائد على غير آدم، ويكون المراد بخلقه من سلالة من طين فيما تقدم إشارة إلى خلق أصله. أو هو عائد على آدم بتقدير مضاف محذوف، أي: جعلنا نسله أو جوهره نطفة. وقيل "الْإِنْسَانَ" يطلق على الأصل والفرع ويعود الضمير إلى