أحدها: أنه استثناء منقطع في محل نصب على الوجوب؛ لأن العامل قبل "إِلَّا" لا يتسلّط عليه، وهو مقدر بـ (لكن) في المعنى. وهو على هذا من تأكيد المدح بما يشبه الذم، كما في بيت النابغة المشهور:
ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم ... بهنّ فلول من قراع الكتائب
وقال الشهاب: "التوحيد داخل في الحق؛ فليست الآية كبيت النابغة".
الثاني: أنه استثناء متّصل في محل جر بدل من "حَقٍّ"؛ وهو قول الزمخشري ومن قبله الزجاج. وتقديره عند الزمخشري: أي بغير موجب سوى التوحيد، الذي ينبغي أن يكون موجب الإقرار والتمكين، لا الإخراج والتسيير". واعترضه أبو حيان. فقال: ما أجازاه من البدل لا يجوز؛ لأن البدل لا يجوز إلا حيث سبقه نفي أو نهي أو استفهام في معنى النفي. وأما إذا كان الكلام موجبًا أو أمرًا فلا يجوز البدل". وجوَّز أبو حيان أن يكون بدلًا من "غَيْرِ" المضاف. وأما إذا كان بدلًا من "حَقٍّ" كما بنى عليه الزمخشري فهو في غاية الفساد .... ثم إن الزمخشري حين مثل البدل قدره: بغير موجب سوى التوحيد، وهذا تمثيل للصفة؛ جعل "إِلَّا" بمعنى (سوى)، ويصح على الصفة؛ فالتبس عليه باب الصفة بباب البدل. انتهى". وانتصف الشهاب للزمخشري فقال: "ما ذكره الزمخشري بيان لحاصل المعنى، وليس مثله ممن يلتبس عليه باب بباب. وهو استثناء، لكن ظاهر مقابلته بالمنقطع أنه متصل على هذا. وهو ظاهر لدخول المستثنى في الحق؛ إذ تقديره في الحقيقة: لا موجب لإخراجهم إلا التوحيد. وتقديره بـ "غَيْرِ" لا يتعيَّن. ولو تعين لم يدخل على " إِلَّا" بل على ما بعدها لأنه هو البدل؛ فما ذكره مغالطة لا طائل تحتها مع ما فيه من الاختلال، وإن تبعه بعضهم".
الثالث: المصدر المؤول في محل جر على البدل على تقدير حرف جر محذوف؛ أي: إلا بأن يقولوا فهو مردود على الباء في {بِغَيْرِ حَقٍّ}. وبه قال الفراء، وتبعه ابن النحاس ومكي.