لأن {إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ ... } مع فاعله [يعني النائب عن الفاعل] بمنزلة: إنما يقوم زيد. و {أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ ... } بمنزلة: إنما زيد قائم. وفائدة اجتماعهما الدلالة على أن الوحي لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- مقصور على استئثار الله بالوحدانية". واعترضه أبو حيان في كلام طويل. وقد حرر الشهاب المسألة في اختصار؛ فقال: إن الكلام على مذهب البيضاوي، ومن قبله الزمخشري: "وقع فيه حصران: الأول: لقصر الصفة على الموصوف، والثاني: لقصر الموصوف على الصفة. فالثاني: قصر فيه (الله) على الوحدانية. والأول قصر فيه الوحي على الوحدانية. والمعنى: لا يوحى إليَّ إلا اختصاص الله بالوحدانية. وقد أُورِد عليه أمران:

الأول: أنه كيف يقصر الوحي على الوحدانية، وقد أوحي إليه أمور كثيرة غيره؛ كالتكاليف والقصص وغير ذلك؟ .

والثاني: أن أداة القصر هي "إِنَّمَا" المكسورة الهمزة لا المفتوحة كما صرحوا به.

ودُفِع الأول بوجهين:

الأول: أن معنى قصره عليه أنه الأصل الأصيل، وما عداه راجع إليه أو غير منظور إليه في جنبه؛ فهو قصر ادعائي ...

والثاني: أنه قصر قلب بالنسبة إلى الشرك الصادر من الكفار السابق ذكرهم، وكذا الكلام في القصر الثاني، إذ له تعالى صفات أخر غير توحيده.

ودُفِع الثاني بأن {أَنَّمَا} المفتوحة الهمزة ذهب الزمخشري إلى أنها مثل {أَنَّمَا} المكسورة في ذلك. ويؤيده هنا أنها بمعنى المكسورة لوقوعها بعد الوحي الذي هو في معنى القول، ولأنها مفعول {عِبَادِيَ} في الحقيقة. ولا شك في إفادتها التوكيد، فإذا اقتضى المقام القصر كما نحن فيه انضم إلى التأكيد، لكنه ليس بالوضع كما في المكسور. والحاصل أنه وقع الخلاف في "أَنَّمَا" المفتوحة؛ فذهب إلى أنها مثلها الزمخشري والمصنف [يعني البيضاوي] وأكثر المفسرين. وأنكره أبو حيان؛ وذلك؛ لأنها مؤولة بمصدر واسم مفرد، وليست كالمكسورة المؤولة بـ "مَا" و"إِلَّا" ...

طور بواسطة نورين ميديا © 2015