أحدها: أنها للعطف، وما بعدها ضِيَاءً وَذِكْرًا: معطوفان على "الْفُرْقَانَ" منصوبان. قال: وجوَّز الشهاب أن تكون المتعاطفات متَّحدة بالذات متغايرة بالصفات؛ نحو مررت بالرجل الكريم والنسمة المباركة، ولا بُعد فيه.
وقال ابن الأنباري: "تقديره: ذا ضياء؛ فحذف المضاف، وأدخل واو العطف، وإن كان في المعنى وصفًا دون اللفظ، كما يدخل مع الوصف إذا كان لفظًا، كقوله تعالى: "وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ" [الأحزاب 33/ 12] " وكقولهم: مررت بزيد وصاحبك. ولو قلت: مررت بزيد فصاحبك على معنى الوصف لم يجز؛ لأن الفاء تقتضي التعقيب وتأخير المعطوف على المعطوف عليه بخلاف الواو. والأخفش يجيز في الفاء ما جاز في الواو".
وقال العكبري: "قيل: هي عاطفة؛ أي: آتيناه ثلاثة أشياء".
القول الثاني: أنها زائدة، وهو المروي عن ابن عباس، وبه قال الفراء. ونسب ابن النحاس إليه قوله: حذف الواو والمجيء بها واحد.
وقال الزجاج: "عند البصريين الواو لا تزاد، ولا تأتي إلا بمعنى العطف".
الثالث: أنها واو الحال، وإليه ذهب العكبري، وقدّره: أي الفرقان مضيئًا.
وحاصل ما تقدَّم أنك إذا جعلت الواو للعطف أعربت "وَضِيَاءً وَذِكْرًا" معطوفين على "الْفُرْقَانَ". وإذا جعلتها زائدة أو للحال نصبت "ضِيَاءً" على الحال، و"وَذِكْرًا" معطوف عليه، ويؤولان على هذا بمشتق: أي ذا ضياء، وذا ذكر، أو مضيئًا وذاكرًا أو مذكورًا.
لِلْمُتَّقِينَ: جار ومجرور، وعلامة جره الياء، وهو متعلق بـ "وَضِيَاءً" و"وَذِكْرًا"؛ أحدهما أو كليهما.