يجوز مراعاة اللفظ؛ نحو: {قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ} [الإسراء: 17/ 84]، ومراعاة المعنى، نحو: {كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ} [البقرة: 2/ 116]. والصواب أن المقدّر يكون مفردًا نكرة فيجب الإفراد كما لو صرَّح به. ويكون جمعًا معرّفًا فيجب الجمع، وإن كان لو ذُكِر لم يَجِبْ. ولكنه فعل ذلك تنبيهًا على حال المحذوف؛ فالأول نحو: "كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِه"؛ أي كل أحد، والثاني نحو: "كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ"، و "قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ"؛ أي كلهم. وخلاصة ما تقدَّم أن "يَسبَحُونَ" روعي فيها معنى الجمع في "كُلٌّ". ويبقى أن الجمع جاء بإعادة واو الجماعة التي تكون لمن يعقل على جمع ما لا يعقل. وفي الإجابة عن ذلك قولان:
1 - قال الكسائي: "لأنه رأس آية، كما قال: {نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ} [القمر: 54/ 44]، ولم يقل: (منتصرون). ذكره ابن النحاس، وتبعه القرطبي، وإليه أشار الزمخشري.
2 - حكى سيبويه والفراء وجماعة أنه لما أسند إلى هذه الأربعة السباحة، وهي من أفعال العقلاء، جمعها جمع العقلاء، كقوله: {رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ} [يوسف: 12/ 4]، وقوله: {أَتَيْنَا طَائِعِينَ} [فصلت: 41/ 11].
وأما الإشكال الثاني فعلى قول من أعاد ضمير الجمع على الشمس والقمر، وإليه ذهب الزمخشري والعكبري وأبو حيان. وقد جاء في توجيهه ما يأتي (?):
- قال الزمخشري: "الضمير للشمس والقمر، والمراد بهما جنس الطوالع كل يوم وليلة. وجعلوها متكاثرة لتكاثر مطالعها، وهو السبب في جمعها بالشموس والأقمار، والذي حسّن ذلك كونها رأس آية".
- وقال العكبري: "الضمير للشمس والقمر. وجَمَعه؛ لأن ثَمّ معطوفًا محذوفًا تقديره: (والنجوم) كما وردت في آيات أخر". و"يَسبَحُونَ" على هذا الوجه حال، والخبر "كُلٌّ فِي فَلَكٍ" ... قال السمين: "وفي هذا الكلام نظر؛ من