وتعليقه بِكونٍ مطلقٍ أي: (وأعينهم كائنة من الدمع) غير مفيد.
3 - الجار والمجرور في محل نصب على التمييز، و"مِنَ" فيه لبيان جنس
الفائض، وهو تمييز محول عن الفاعل. قال الزمخشري: هو "كقولك:
تفيض دمعًا وهو أبلغ من (يفيض دمعها)؛ لأن العين جعلت كأنها كلها
دمع فائض، و"مِنَ" للبيان كقولك: أفديك من رجل. ورد ذلك
أبو حيان والسمين بأن التمييز المحول عن الفاعل لا يجر بـ "مِنَ"، وبأن
التمييز لا يكون معرفة إلا على رأي الكوفيين. أما الشهاب فتعقب كلام
أبي حيان والسمين؛ فقال: "قيل: إنه [يعني الزمخشري] قفى إجازة
الكوفيين"، وأما عدم جواز مجيء التمييز المحول عن الفاعل معرفة فهو
عند الشهاب: "منقوض بقوله عز من قائل ونحوه. وهذا وارد بحسب
الظاهر. وإن كان ما ذكره أبو حيان صرح به غيره من النحاة، فقالوا: لا
يجوز جرّه إلا في باب نعم وحبذا".
4 - أن "مِنَ" فيه بمعنى الباء، والمعنى: تفيض بالدمع. واحتج بعضهم لهذا
المعنى من معاني "مِنَ" بشواهد، غير أنه وجه ضعيف. وفي إعراب
[الآية 83 من سورة المائدة] مزيد تفصيل لنظير ذلك فيرجع إليه.
حَزَنًا: وفي توجيه نصبه ما يأتي (?):
1 - مفعول لأجله. وناصبه "تَفِيضُ". واعترض هذا الوجه بأن فاعل
"تَفِيضُ" وهو الأعين غير فاعل "الحزن" وهم القوم، وأن هذا يقتضي
جرّ المفعول لأجله بحرف الجر. ورُدّ الاعتراض بأن فاعل الحزن هم
أصحاب الأعين، ونسبة الحزن إلى الأعين واردة على سبيل المجاز، فلا
شيء فيه. كما أن من الجائز أن يكون ناصبه هو "تَوَلَّواْ"، فيتحد الفاعل،
وبذلك ينتفي الاعتراض أصلًا.