- وفي قوله "انْفِقُوا ... "، قال الزمخشري (?): هو أمر بمعنى الخبر؛ أي لن
يتقبل منكم أنفقتم طوعًا أو كرهًا؛ كقوله: "اسْتَغْفِر لَهُمْ أَوْ لَا تَسَتَغْفِرْ لَهْمْ" [التوبة
9/ 80]؛ أي "لن يغفر الله لهم استغفرت أو لَمْ تستغفر". وهو كذلك أمر في اللفظ
ومعناه للشرط والجزاء. قال ابن عطية: "هذا أمر في ضمنه جزاء، وهذا مستمر في
كلّ أمر معه جزاء. والتقدير: "إن تنفقوا لن يتقبل منكم. وأما إذا عري الأمر من
الجواب فليس يصحبه تضمن الشرط".
وانفرد أبو حيان بالاعتراض على ذلك، قال: "ويقدح في هذا التخريج أن الأمر
إذا كان فيه معنى الشرط، كان الجواب لجواب الشرط؛ فعلى هذا يقتضي أن يكون
التركيب: "فلن يتقبل" بالفاء؛ لأنَّ "لَنْ" لا تقع جوابًا للشرط إلَّا بالفاء؛ فكذلك
ما تضمن معناه". ورد السمين اعتراض شيخه ردًّا جميلًا، فقال: "إنما أراد
أبو محمد [يعني ابن عطية] تفسير المعني، وإلا فلا يجهل هذه الواضحات، وأيضًا
فلا يلزم أن يعطى الأمر التقديري حكم الشيء الظاهر من كلّ وجه". وقال الهمداني:
"وهذا قريب من هذا؛ لأنَّ معناه الخبر الذي تدخل فيه "إن" التي للجزاء".
إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْمًا فَاسِقِينَ:
إِنَّ: حرف ناسخ مؤكد. الكاف: في محل نصب اسم "إِن"، والميم: للجمع.
كُنْتُمْ: فعل ماض ناسخ مبنيّ على السكون. التاء: في محل رفع اسم
(الكون) والميم: للجمع. قَوْمًا: خبر الكون منصوب. فَاسِقِينَ: نعت منصوب،
وعلامة نصبه الياء.
* وجملة: "إِنَّكُمْ كُنْتُمْ ... " مستأنفة مقررة لما قبلها أو تعليل لعدم التقبل لا
محل لها من الإعراب (?).