وهذا اختيار ابن مالك، وقد أورد المذهبين أبو حيان، وتأول لقول
الزمخشري بقوله: "ويحتمل أن يتأول كلامه [يعني الزمخشري] على أنَّه
لما حذف جواب "لَوْ"، ودل عليه جواب القسم - جُعل كأنه سد مسد
جواب القسم وجواب (لو) جميعًا".
يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ:
يُهْلِكُونَ: فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ثبوت النون، والواو: في محل
رفع فاعل. أَنْفُسَهُمْ: مفعول به منصوب، والهاء: في محل جر بالإضافة.
والميم: للجمع.
وفي محل "يُهْلِكُونَ" من الإعراب ما يأتي (1):
1 - هي جملة في محل نصب حال من الواو في "يَحْلِفُونَ"، وتقديره:
يحلفون مهلكين أنفسهم.
2 - هو فعل مبدل من قوله "يَحْلِفُونَ"؛ وقد استبعده أبو حيان؛ " لأنَّ
الإهلاك ليس مرادفًا للحلف، ولا هو نوع منه، ولا يبدل فعل من فعل إلَّا
إذا كان مرادفًا له أو نوعًا منه". ورد السمين اعتراض أبي حيان: يصح
البدل على أنَّه بدل اشتمال، لأنَّ الحلف سبب للإهلاك فهو مشتمل عليه،
فأبدل المسبب من سببه؛ لأنه مشتمل عليه". وإلى مثله ذهب
أبو السعود.
3 - جوز الزمخشري إعراب "يُهْلِكُونَ" جملة في محل نصب حال من فاعل
"لَخَرَجْنَا"؛ "أي يوقعون أنفسهم في الهلاك بحلفهم الكاذب؛ أي:
لخرجنا وإن أهلكنا أنفسنا، وجاء بلفظ الغائب لأنه مخبر عنهم. ألا ترى
أنه لو قيل: لو استطاعوا لخرجوا لكان سديدًا. يقال: "حلف بالله ليفعلن
أو لأفعلنّ"، وتابعه على هذا أبو السعود. وضعَّف هذا الوجه أبو حيان،
(1) البحر 5/ 47، والدر 3/ 467، والكشاف 2/ 153، والعكبري 2/ 645، والفريد 2/ 473،
وأبو السعود 2/ 410، والشهاب 4/ 328، والجمل 2/ 285.