دخلت "إلَّا"؛ لأن في الكلام طرفًا من الجحد، "أي النفي". ورده الزجاج بأن
"الحجد والتحقيق [يعني النفي والإثبات] ليس بذي أطراف [أي غير قابل للتجزيء؛
فإما نفي وإما إثبات] "، وأجاب بأن العرب تحذف مع "أبى"، والتقدير: "ويأبى
الله كل شيء إلا أن يتم نوره"، واستحسن ذلك النحاس. وقال الزمخشري:
"أجرى (أبى) مُجرى (لم يرد). ألا ترى كيف قوبل: "يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا"
بقوله: "وَيَأْبَى اللَّهُ"، وكيف أوقع موقع: "لا يريد الله إلا إتمام نوره". وقال
علي بن سليمان: "جاز هذا مع" أبى" لأنه منع وامتناع، فضارعت النفي". وجعل
بعضهم " أبى" بمعنى "لا يرضى"؛ لأن المراد بإرادة الإتمام هو إرادة خاصة وهي
الإرادة على وجه الرضا، وليست الإرادة المجامعة لعدم الرضا.
وقد حصَّل الهمداني في "الفريد" المسألة تحصيلًا جيدًا، فقال: "دخلت
"إلَّا" مع "يَأْبَى" وهو إيجاب لوجهين: إما لحمله على المعنى؛ إذ كان المعنى:
ويأبى الله كل شيء إلا إتمام نوره، أو لإجرائهم "أبى" مجرى "لم يرد". . .
وليس قول من قال: دخلت إلا لأن في الإباء معنى النفي من حيث هو منع
بمستقيم. . . إذ لو كان الأمر كما زعم لأجيز: كرهت أو أبغضت إلا زيدا، فلما لم
يجيزوا هذا، دل ذلك على سداد ما ذكر، وفساد ما ذكر، فاعرفه" وقال الشهاب:
"الاستثناء المفرغ وإن اختص بالنفي إلا أنه قد يمال مع المعنى بمعونة القرائن
ومناسبة المقامات، فيجري بعض الإيجابات مجرى النفي في صحة التفريغ معها. . .
ولو اكتفي بمجرد جعل المثبت بمعنى نفي مقابله لجري في كل مثبت، ككرهت
بمعنى: ما أردت، وأبغضت بمعنى: ما أحببت وهكذا. . .".
وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ:
الواو: عاطفة للجملة على جملة حال محذوفة. ويأتي بيانه. لَوْ: حرف شرط
غير جازم. كَرِهَ: فعل ماض للشرط بمعنى الاستقبال.