قال ابن يعيش: "اعلم أنّ المفعول لما كان فضلةً تستقلُّ الجملة دونه، وينعقد الكلام من الفعل والفاعل بلا مفعول جاز حذفه وسقوطه وإن كان الفعل يقتضيه".
وحذفه على ضربين:
أحدهما: أن يحذف وهو مراد ملحوظ، فيكون سقوطه لضرب من التخفيف، وهو في حكم المنطوق به.
والثاني: أن تحذفه مُعْرضًا عنه البتة، وذلك أن يكون الغرض الإخبار بوقوع الفعل من الفاعل من غير تعرُّض لمن وقع به الفعل، فيصير من قبيل الأفعال اللازمة، نحو: ظرُف وشرُف وقام وقعد.
فالأول: نحو قوله تعالى: {اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ} وقوله {أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا (41)}.
والثاني: قولهم: فلان يعطي ويمنع، ويضر وينفع، ويَصِلُ ويقطع، والمراد يعطي ذوي الاستحقاق، ويمنع غير ذوي الاستحقاق. . . إلَّا أنه حذف، ولم يكن ثمَّ موصول يقتضي راجعًا، ولم يكن المراد إلَّا الإخبار بوقوع الفعل من الفاعل لا غير، فصار كالفعل اللازم في الإخبار بوقوع الفعل من الفاعل. . . ".
* * *
{فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ (79)}
فَوَيْلٌ: الفاء: استئنافيّة. ولا يبعد عندنا أن تكون سببية؛ إذ ما بعدها مُسَبَّب عما قبلها. وَيْلٌ: مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة.
قال ابن الأنباري (?): "وجاز أن يكون "وَيْلٌ" مبتدأ وإن كان نكرة؛ لأنّ في