فعلت أمرا يدعو إلي الإنكار. فذكّره الخضر بعهده معه، عند ذلك أخبره موسي أنه إن اعترض علي فعله بعدها فلا يصاحبه.

وسارا معا، حتى أتيا قرية، أهلها بخلاء، فطلبا منهم الطعام، فأبوا أن يطعموهما أو يضيفوهما. ورأي الخضر في القرية جدارا علي وشك السقوط، فأصلحه وأقامه وثبّته.

فاعترض عليه موسي بأنّ القوم لا يستحقون التكريم والخدمة لبخلهم، والأولي أن يأخذ منهم أجرة مقابل إصلاحه الجدار.

وبعد هذه الاعتراضات من موسي علي أعماله الثلاثة، أنهي الخضر الرحلة، وقال له: هذا فراق بيني وبينك.

ولم يشأ الخضر أن يبقي موسي في حيرته ودهشته من الأعمال الثلاثة، التي لم يصبر موسي عليها، فاعترض علي الخضر في فعلها.

فأوّل الخضر لموسي أعماله الثلاثة، وأراه حقيقتها والحكمة منها، وردّ له صورتها الظاهرية التي اعترض عليها موسي إلي باطنها الحقيقي الخفي، الذي لا يدعو إلي الاعتراض والإنكار.

فخرق السفينة في ظاهره مرفوض يدعو للإنكار، لكنّ حقيقته تدعوني إلي فعله، فأنا ما خرقتها لأغرق أهلها، إنما خرقتها لأحميها من المصادرة والغصب، إنّ أصحابها مساكين محتاجون لا يملكون غيرها، وكان أمامهم ملك ظالم مغتصب، يصادر ويستولي علي كل سفينة سالمة، فأردت بهذا الخرق نجاة السفينة من المصادرة، لأنه سيراها معيبة مخروقة! هذه حقيقة فعلي، وهذا هو تأويله!!.

وقتل الغلام في ظاهره مرفوض يدعو للإنكار، لكن حقيقته تدعوني إلي فعله، إنه صغير نعم، ولكنه عند ما يكبر سيكون كافرا، وسيتعب ويرهق أبويه المؤمنين، فقتلته لأريح أبويه، وإنّ الله سوف يعوضهما عنه، ويرزقهما بغلام أفضل وأبر منه! هذه حقيقة فعلي! وهذا هو تأويله!!.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015