ورأيه وتدبره وتأويله، وهذا هو التأويل بالرأي غير المستند إلي العلم، وهو مذموم وباطل.
إنه في هذه الحالة لم يسلك الطريق الصحيح لحسن فهم القرآن، بل تخطي المرحلة الأولي وتجاوزها ولم يتوقف عندها، وقفز قفزة خاطئة إلي المرحلة الثانية، اعتداد بعقله غير الناضج تفسيريا، وإعمالا لرأيه غير المصوغ صياغة تفسيرية علمية.
وما أكثر هؤلاء الذين يهجمون على تأويل القرآن بهذه الصفة، في هذا الزمان، الذين يقفزون للمرحلة الثانية قفزا واسعا في الفراغ! فيفهمون آيات القرآن فهما خاطئا، قائما على المزاجية والهوى، ويقوّلون هذه الآيات ما لم تقله، ويستشهدون بها على ما لا تشهد عليه، ويستخرجون منها ما لا تدلّ عليه، ويؤوّلونها تأويلا باطلا مردودا مستكرها! كذلك لا نري أن يقف الناظر في القرآن عند المرحلة الأولي، وأن يبقي ضمن دائرة تفسير القرآن- على المعنى الذي قررناه- وأن يكتفي بترديد ما وقف عليه في تفسير الآيات من أقوال مأثورة، وأحاديث صحيحة، وروايات في النزول والنسخ والغريب، وأن يكررها وأن ينقلها من تفاسير السابقين إلي تفسيره.
لا نريد للمفسر أن يكون مجرد ناقل لكلام السابقين، ورواية لآرائهم.
وإن كان هناك بعض المفسرين كانوا هكذا، وكتبوا تفاسيرهم هكذا، واكتفوا فيها بتكرار الأقوال السابقة التي أوردها السابقون.
أين جهد المفسر الذاتي؟ وأين شخصيته المستقلة؟ وأين اختياراته.
وترجيحاته؟ وأين تأويلاته واستنتاجاته؟ أين تدبره هو، ونظره هو في القرآن؟
إنّ انتقال الناظر في القرآن من مرحلة المفسر إلي مرحلة المؤوّل ضروري، وإن استخراج الدلالات واللطائف والحقائق من القرآن مطلوب، وإن بناء