التأويل على التفسير واجب.
وإننا نعلم أن بعض الناظرين في القرآن لا يستطيع الانتقال إلي المرحلة الثانية، فيبقي «يراوح» مكانه في المرحلة الأولي. إنه غير مؤهّل ليكون مؤولا، ولا يملك من عمق النظر وإعمال الفكر ما يعينه ليكون مؤوّلا.
إن التأويل «فتوحات» من الله، و «فيوضات» منه، ومواهب يهبها سبحانه لمن يشاء، ونعم ينعم بها علم من يشاء.
ويتفاوت المؤوّلون في تأويلاتهم، في عمقها وجدّتها وأصالتها وفاعليتها وتأثيرها. وكأنّ المؤوّلين صيادون يريدون اصطياد اللطائف، واقتناص الإشارات والومضات والإيحاءات! هناك صياد يصطاد الصيد القريب، وهناك صياد ينجح في اصطياد السريع الخفي البعيد، وهناك من يصطاد صيدا صغيرا، وهناك من يقتنص الصيد الثمين الغني الوفير.
وهكذا المؤولون في تأويلاتهم للقرآن، والمهمّ هو أن يردّوا هذه التأويلات إلي التفاسير السابقة، وأن يرجعوا بها إليها، وأن يصحّحوها على أساسها.
وهذا يقودنا إلي التذكير بحقيقة: إذا كان التفسير والتأويل مرحلتين متعاقبتين، وإذا كان بعض المفسّرين بقي مع المرحلة الأولي، فإن كلّ مؤول مفسّر، وليس كل مفسّر مؤوّلا.
فلا بد للمؤوّل من أن يكون مفسّرا أولا ليصحّ تأويله، ولكن المفسّر قد لا يتمكن من الارتقاء إلي مستوي التأويل!!.