الآية، ويقف على غرضها ومقصودها، ويزيل ما عليها من لبس أو اشتباه، ويحلّ ما تثيره من غموض أو إشكال.
عمل المؤوّل في المرحلة الثانية عمل ذاتي، وليس اعتمادا على من سبقه كما فعل في المرحلة الأولي، ونتاجه في هذه المرحلة نتاج شخصي، وتأويلاته التي يقدمها هي ثمرة تدبّره للقرآن، ونظره فيه، وشخصيته في هذه المرحلة بارزة واضحة، وجهده الذاتي فيه ملحوظ، ورأيه مسجّل معتبر.
وكما لاحظنا توفّر معنى التفسير اللغوي الاشتقاقي في المرحلة الأولي، فإننا نري توفّر معنى التأويل اللغوي الاشتقاقي في هذه المرحلة.
إنّ التأويل هو الردّ والرجوع، والمؤوّل هنا يحقّق معناه، فعند ما يقدم تأويلاته لا بدّ أن يردّها إلي معلوماته التفسيرية، ويرجع بها إليها، فإن تعارضت تأويلاته مع النصوص التفسيرية ألغاها وتخلي عنها، لأنّها تأويلات باطلة خاطئة.
إن المؤوّل يصحح لنفسه بعد ما يؤول، ويصوّب تأويله على هدي تفسيره، وينظر في تأويله على ضوء تفسيره، ويعيد تأويله إلي تفسيره، ويرده إليه، ويرجع به عليه.
أي: يحاكم المؤوّل المرحلة الثانية «التأويل» إلي المرحلة الأولي «التفسير»، ويردّ التأويل إلي التفسير، ويفهم التأويل على ضوء التفسير.
يجب على كلّ ناظر في القرآن متدبر له، أن يحقق المرحلتين في تعامله مع القرآن، ومحاولة فهمه.
إذا أعمل رأيه في الآيات، وحاول استخراج معانيها، وتأويل حقائقها دون دراسة تفسيرية في التفاسير المأمونة الموثوقة، فإنه سيخطيء في نظره