مكية، وآياتها خمسون
هذه السورة الكريمة من السور الخمس التي قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "شيبتني هود وأَخواتها" وهذه السور هي: هود، والواقعة، والمرسلات، والنبأ، والتكوير؛ وذلك لما في تلك السور من إِظهار عدل الله المطلق وبطشه، وشديد عذابه، وقوة سلطانه.
قال ابن مسعود: نزلت تلك السورة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الجن ونحن نسير معه حتى أَوينا إِلى غار بمنى فنزلت، فبيمنا نحن نتلقاهم منه وإِن فاه لرطب بها -إِذ وثبت حيَّة فوثبنا عليها لنقتلها فذهبت، فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: (وقيتم شرها كما وقيت شركم) وهذا الغار يعرف بغار المرسلات.
وهذه السورة هي التي قرأَها رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة المغرب وما صلي بعدها حتى قبض (?).
أَن الله قد ذكر في آخر سورة الإِنسان ظرفًا من تهديد الكفار بالعذاب في الآخرة "إِنَّ هَؤُلَاءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْمًا ثَقِيلًا" وأَتي في أَول سورة (والمرسلات) بمزيد من الوعيد والعذاب للكفار حتى استغرق هذا أَكثر السورة، وذلك من أَولها إِلى الآية الأَربعين، فكأَن هذه الآيات من سورة (المرسلات) امتداد لآخر سورة الإِنسان، كما أَن سورة الإِنسان قد ضم أَكثرها جزاءَ المحسنين بدءًا من الآية الخامسة "إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأَسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا" إِلى الآية الثانية والعشرين: "إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُورًا".
وفي سورة المرسلات جاءَ ذكر ثواب المتقين في صورة مجملة: (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلاَلٍ وَعُيُون ... ) فالسورتان تلتقيان في وعد المؤمنين ووعيد الكافرين.