(وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلاَّ فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا) أَي: وما جعلنا عدتهم تسعة عشر إِلا اختبارًا منا للذين كفروا.
(لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ): أَي: ليحصل اليقين للذين أُوتوا الكتاب من النصاري واليهود بأَن ما يقوله القرآن على لسان محمد عن خزنة جهنم وعددهم إِنما هو حق من الله تعالى؛ حيث وافق ذلك ما في كتبهم.
(وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا): أَي: ويزداد إِيمانهم بما رأَوا من تسليم أَهل الكتاب وتصديقهم أَن عدد الخزنة كذلك، أَو بانضمام إِيمانهم بذلك إِلى إِيمانهم بسائر ما أَنزل.
(وَلا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ): هذا الكلام تأكيد لما قبله من الاستيقان وازدياد الإِيمان، ونفي لما قد يعترى المستيقن من شبهة وشك، أَي ولا يشك في ذلك الذين أَعطوا الكتاب والمؤمنون المصدقون من أَصحاب محمد في أَن عدَّةَ خزنة جهنم تسعة عشر، فإِذا جمع لهم إِثبات اليقين ونفي الشك كان آكد وأَبلغ لوصفهم بسكون النفس، ولأَن فيه تعريضًا بمن عداهم كأَنه قال: ولتخالف حالهم حال الشاكين والمرتابين من أَهل النفاق والكفر.
(وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكَافِرُونَ) أَي: وليقول الذين في صدورهم شك ونفاق من منافقي المدينة الذين سينجمون ويظهرون بعد الهجرة والكافرون بمكة المصرون على التكذيب، ويجوز أَن يراد بالمرض: الشك والارتياب، لأَن أَهل مكة كان أَكثرهم شاكين وبعضهم قاطعين بالكذب.
(مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا) أَي: ما الذي أَراده الله بهذا العدد (تِسْعَةَ عَشَرَ) المستغرب استغراب المثل.
قال الزمخشري: أَي: أَي شيءٍ أَراد الله بهذا العدد العجيب؟ وأَي حكمة قصدها في أَن جعل الملائكة تسعة عشر لا عشرين؟ ومرادهم إِنكار هذا الأَمر من أَصله وأَنه ليس من عند الله وأَنه لو كان من عند الله لما جاءَ بهذا العدد الناقص. أهـ: يتصرف.