(وَأَصْلَحَ) أي: وأصلح بينه وبين من يُعَاديه بالعفو والإغضاء.
(فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ): فثوابه على الله.
(لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ): يكره ويبغض المعتدين.
(وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ): ولمَنْ عَاقَبَ بمثل ما عُوقِب به.
(سَبِيلٍ): مؤاخذة ولوم وحرج.
(وَلَمَنْ صَبَرَ): سكت وحبس نفسه عن الانتصار لنفسه.
(وغفر): تجاوز عن ظالمه.
(لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) أي: لمن الأُمور الجادة المطلوبة شرعًا.
التفسير
40 - {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ}:
المعنى: شرع الله الانتصار من الظالم بأخذ الحق منه ومقابلة السيئة بمثلها من غير زيادة، وندب إلى الفضل وهو العفو والإصلاح، وهذا أَسمى مما وصلت إليه البشرية قديما وحديثا من تقنين وتشريع، فقد شرع القصاص؛ لأن الطبيعة البشرية تميل إلى أن يأخذ الإنسان حقَّه لنفسه وينتقم ممن يعتدى عليه، وبخاصة مع النفوس المريضة التي لا يُقَوِّمها ويُصْلح شأنها إلا ردْعُها والانتقام منها. ولكنه مع هذا ندب ودعا إلى الفضل وهو العفو والإحسان، ليرتقى بالبشرية إلى أعظم درجاتها، ليرتفع بها إلى الذروة في السَّماحة والمروءة، وفي قوله - تعالى -: (فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ) بيان لفضيلة العفو والتسامح لأن الفاعل لذلك لن يضيع حقه ولن يذهب أجره وفضله، بل أجره على الله، وناهيك بمن كان أجره على الله.
وعن النبي - صلى الله عليه وسلم - " إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ: من كان له على الله أجرٌ فَلْيَقُم: قال: فيقُوم خَلْقٌ فَيُقالُ لهم: ما أجْرُكُم على اللهِ؟، فيقولون: نحن الذين عفونا عمن ظلمنا: فيقال لهم: ادْخلوا الجنة بإذن الله" الكشاف.