قال صاحب البحر: اتفقت الروايات على أَنه - صلى الله عليه وسلم - كان يعدل بين أَزواجه في القسم حتى مات.

وقيل: إن المراد من الآية تُطلق مَنْ تشاءُ، وتمسك من تشاءُ. وقال بعضهم: الإرجاءُ والإيواءُ لإطلاقهما في الآية يتناولان ما في التفسيرين من التخيير في القسم والطلاق.

وعن أبي رزين في سبب نزول الآية: هَمَّ رسول الله أَن يطلق من نسائه، فلما رأين ذلك أتينه فقلن: لا تخلِّ بيننا وأنت في حل مما بيننا وبينك. افرض عن نفسك ومالك ما شئت. فأَنزل الله تعالى الآية. فأَرجأَ بعضهن، وآوى بعضهن (?).

{وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ} أي: إذا أَردت أَن تؤوي إليك امرأَة ممن نحيت وأَبعدت فلا إثم عليك في ذلك. وكذلك حكم الإرجاءِ هو إلى مشيئتك. فدل أَحد الطرفين على الآخر.

وأفاد صاحب الكشاف أَن الآية متضمنة قسمة جامعة لما الغرض؛ لأَنه - صلى الله عليه وسلم - إما أَن يطلق، وإما أَن يمسك، وإذا أَمسك ضاجع أَو ترك، وقسم أَو لم يقسم، وإذا طلق وعزل، فإما أَن يخلي المعزولة لا يبتغيها أَو يبتغيها (?) ".

{ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ} أَي: إذا علمن أَن الله قد رفع عنك الحرج، وفوض أَمرهن إلى مشيئتك. كان ذلك أَقرب أن ترتاح قلوبهن فلا يحزن؛ لأنه حكم كلهن فيه سواءٌ، ثم إن سويت بينهن وجدن ذلك تفضلًا منك عليهن ومنة، وإن رجحت بعضهن علمن أَنه بحكم الله - تعالى - الذي فوض الأَمر إليك فتطمئن نفوسهن به دون أَن يتعلقن بأَكثر من ذلك؛ لأَن المرءَ إذا علم أنه لا حق له في شيء كان راضيًا بما أُوتي منه وإن قل، وكان - عليه الصلاة والسلام - مع هذا التمييز يسوى بينهن في القسم تطييبًا لقلوبهن ويقول: اللهم هذا قَسْمِي فيما أَملك، فلا تلمني فيما تملك ولا أَملك، لإيثاره عائشة - رضي الله عنها - دون أَن يظهر ذلك في شيء من فعله.

وكان في مرضه الذي توفي فيه يُطاف به محمولا على بيوت أَزواجه، إلى أَن استأَذنهن أَن يقيم في بيت عائشة، قالت عائشة: أَول ما اشتكى رسول الله - صلى الله عليه وسلم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015