المفردات:
{تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ} أي: تؤخر. والأَصل ترجىء، فخفف بقلب الهمزة ياءً، وقرىءَ بالوجهين في السبعة.
{وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ} أَي: ومن طلبته ممن نحيته وأَبعدته فلا إثم عليك. يقال: بغى، وابتغى، وتَبَغَّى بمعنى طلب. والعزل: التنحية. والجناح: الإثم.
{أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ} أي: تبرد - سرورًا - وفعله من باب فرح.
التفسير
51 - {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ ... }. الآية.
المعنى: لك أَيها النبي أَن تؤخر من تشاءُ من أَزواجك، وتضم إليك من تشاءُ منهن، ويراد بذلك أَنك مخير فيهن توسعة عليك، إن شئت أَن تقسم المبيت بينهن قسمت، وإن شئت أَن تترك القسم تركت. هكذا يروى عن ابن عباس ومجاهد والحسن وقتادة وغيرهم. فَخُص - صلى الله عليه وسلم - بأَن جعل الأَمر إليه، ولهذا ذهبت طائفة من فقهاءِ الشافعية وغيرهم إلى أَنه لم يكن القسم واجبًا عليه - صلوات الله وسلامه عليه - واحتجوا بهذه الآية الكريمة.
كذلك مما يدل على أن القسم لم يكن واجبًا عليه - صلى الله عليه وسلم - ما أَخرجه البخاري بسنده، عن مُعَاذ، عن عائشة أَن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يستأْذن في يوم المرأَة مِنَّا بعد أن نزلت هذه الآية {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ}. فقلت لها: ما كنت تقولين؟ فقالت كنت أقول: إن كان ذلك إليّ، فإني لا أُريد يا رسول الله أن أُوثر عليك أَحدا. قال ابن كثير فهذا الحديث يدل على أن المراد من ذلك عدم وجوب القسم، وهو الذي ينبغي أَن يعول عليه؛ بهما قال ابن العربي؛ لكنه مع ذلك كان يقسم بينهن من قبل نفسه دون فرض عليه، تطييبًا لنفوسهن، وصونًا لهن عن الغَيْرة التي تؤدي إلى ما لا ينبغي، ولم يتركه حتى لحق بالرفيق الأَعلى.