ولهذا ختم الله الآية بقوله: {بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمُونَ} حيث قصروا تقصيرًا فاحًشا بتركهم النظر في أماراتها وتعاميهم عن أدلتها، مع أنها لا تخفى على ذوى البصائر وأولى الألباب.
وحاصل معنى الآية: أن علمهم بشئون الآخرة ومنها البعث انقطع وانتهى في الدنيا، حتى لم يبق لهم علم بشيءٍ من شئونها، مع توافر الأسباب الواضحة الدلالة عليها.
{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَإِذَا كُنَّا تُرَابًا وَآبَاؤُنَا أَئِنَّا لَمُخْرَجُونَ (67) لَقَدْ وُعِدْنَا هَذَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (68) قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ (69) وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ (70)}
المفرادت:
{أَئِنَّا لَمُخْرَجُونَ}: إنكار لإِخراجهم من قبورهم أَحياءً.
{إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ}: أَي أَباطيل الذين سبقوهم، وهي جمع إسطار - بكسر الهمزة - وأسطورة - بضمها.
{وَلَا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ}: أي لا يكن صدرك ضيقًا بمكرهم.
التفسير
67 - {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَإِذَا كُنَّا تُرَابًا وَآبَاؤُنَا أَئِنَّا لَمُخْرَجُونَ}:
بيان لجهل الكافرين بالآخرة وعَمَاهم عنها بحكاية إنكارهم لليعث، والمراد بهم: مشركو قريثس فقد أَنكروا إخراجهم من قبورهم أحياء إنكارا شديدًا متكررًا مبالغًا فيه.
وتقييد الإخراج بوقت كوْنهم ترابًا ليس لتخصيص الإِنكار الواقع منهم بالإِخراج في هذا الوقت فقط، فإنهم منكرون للإِحياء بعد الموت مطلقًا، وإن كان الجسد على حاله،