وغطفان، وقائدها عيينة بن حصن، وبنى مرة، وقائدهم الحارث بن عوف المُرِّى، وبنى أَشجع وبنى سليم، وبنى أَسد، وعدد هؤلاء جميعًا عشرة آلاف مقاتل، وكان سلمان الفارسى هو الذي أَشار على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بحفره، ولم تكن العرب تعرفه من قبل.

وقد حفر في شمال المدينة؛ لأن هذه الجهة كانت مظنة هجوم الأعدام، أَما باقى الجهات فمشغولة بالبيوت والنخيل فلا يتمكن العدو من الحركة فيها.

وقد قاسى المسلمون صعوبات جسيمة في حفره، لأنهم كانوا في غير سعة من العيش وقد عمل معهم النبي - صلى الله عليه وسلم - فكان يحمل التراب معهم، وكان المنافقون يتسللون لواذا (?) من العمل، أو يعتذرون بأعذار كاذبة، فنزلت هذه الآية تنعى عليهم تسللهم، وتشير إِلى أَن الإيمان لم يتمكن من قلوبهم، لتسللهم عن الجماعة دون استئذان من الرسول - صلى الله عليه وسلم -.

وهذا الحكم ثابت لحكام المسلمين في الأمور الجماعية الخطيرة، فإذا كان إِمام المسلمين معهم أو مع أَهل شوراه أَو مع غيرهم لأمر يهم المسلمين، فلا يحل لأحد أَن يتسلل من الاجتماع دون إِذن منه.

والمعنى الإجمالي للآية: إِنما المؤمنون الصادقون هم الذين اجتمع فيهم أَمران، أحدهما: أن يؤْمنوا بالله ورسوله، وثانيهما: أَنهم إذا كانوا معه على أَمر يقتضي اجتماعهم: لم يذهبوا من مكان الاجتماع حتى يطلبوا الإذن من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذهابهم، فمن خرج دون إِذن منه، فهو ناقص الإيمان، إن الذين يستأذنونك لبعض شأنهم صادقين، أولئك الذين يؤمنون بالله ورسوله حقًّا، دون المنافقين المتسللين دون استئذان، أَو المستأذنين منهم بعذر كاذب، كقولهم: {إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا} (?) فإذا استأذنك المؤمنون الذين تعلم صدقهم في إِيمانهم - إِذا استأْذنوك - لبعض شأنهم فائذن لمن شئت الإذن له منهم، فإنك أعلم بمن تكون المصلحة في بقائه معك منهم، ومن لا ضرر في التيسير له بالذهاب، واستغفر لهم الله في استئذانهم، فإنه وإن كان لمصلحة، لا يخلو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015