116 - {فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ}:
أي: فتنزه الله بذاته عن خُلُوِّ أفعاله عن الحكم والمصالح الحميدة، فهو الملك الحق الثابت له الملك عن جدارة واستحقاق، الواحد الذي لا معبود بحق إلا هو مالك العرش العظيم في مكانته وشرفه، ومن كان كذلك فلا يصح عقلا أَن يخلقكم عبثا، ولا أَنكم إِليه لا ترجعون للحساب والجزاء كما زعمتم.
والمراد من وصف العرش بالكريم أَنه عظيم الشرف، وكل ما شرف وعظم في بابه يوصف بالكريم، ومنه قوله تعالى: {كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ} (?) وقوله: {وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا} (?).
117 - {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ (117)}:
بين لله تعالى في الآية السابقة أَنه سبحانه هو الملك الحق دون سواه فكل الملوك عبيده المسخَّرون منه لخدمة شعوبهم، ولا مُلْكَ لهم في الحقيقة فيما مكَّنهم الله منه، كما بين أَنه لا معبود بحق سواه، وأَنه رب العرش العظيم، ومن هذا شأْنه فلا يصح أَن يعبد سواه وجاءَت هذه الآية لتؤكد ما أَفادته التي قبلها ضِمْنا من فساد عبادة سواه، ولتبين سوءَ عاقبة من يعبد غيره تعالى.
والمعنى: من يعبد مخلوقا من مخلوقات الله يزعمه إِلَها آخر, لا يمكن أَن يكون له أَي دليل على ربوبيته وصحة عبادته - من يعبده مع الله أَو يفرده بالعبادة - فما حسابه وعقابه الشديد إِلا عند الله ربه وخالقه ومالكه، إِنه لا يفوز ولا ينجو من عقابه الكافرون العابدون لسواه, أَو المشركون له مع الله.
نقل الإِمام ابن كثير عن قتادة قال: ذُكِرَ لنا أَن نبى الله - صلى الله عليه وسلم - قال لرجل: ما تعبد؟ قال: أَعبد الله وكذا وكذا - حتى عَدَّ أَصناما، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -