فأَيُّهم إذا أصابك ضُرُّ فدعوته كشفه عنك، قال: اللهُ عز وجل، قال: فأَيّهم إِذا كانت لك حاجة فدعوته أعطاكها؟ قال: الله عز وجل، قال: فما يحملك على أَن تعبد هؤلاء معه؟ قال: أَردت شكره بعبادة هؤلاء معه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (تعلمون ولا يعلمون) قال الرجل بعد ما أسلم: (لقيت رجُلا خَصَمَني) (?) أَي: غلبنى في الخصومة والمقصود من قوله - صلى الله عليه وسلم - (تعلمون ولا يعلمون) أَن هذه المعبودات لا عقل لها ولا علم وأَنتم أيها العابدون أَفضل منها بالعقل والعلم، فكيف تعبدون مَنْ دونكم.
118 - {وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ}:
الأَمر هنا موجه إِلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وإِلى أمته تبعًا له، فهو إمامهم، وطَلَبُ النبي - صلى الله عليه وسلم - الغفران من ربه لنفسه، إِنما هو من باب هضم النفس، واتهامها بالتقصير في الطاعة مع الله، وليس المقصود أن يسغفر له ذنبًا حدث منه، فإنه - صلى الله عليه وسلم - معصوم من الذنوب.
والمعنى: وقل - أيها النبي أَنت وأُمتك -: يارب اغفر لنا تقصيرنا. في طاعتك، واشملنا برحمتك الدنيوية والأُخروية، وأَنت خير الراحمين، لأن رحمتك وسعت كل شىءٍ.
وقد علَّم النبي - صلى الله عليه وسلم - أَبا بكر الصديق - رضى الله عنه - أن يقول نحوه في صلاته، فقد أَخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن أَبي بكر - رضي الله عنه - أَنه قال: يا رسول الله علمنى دعاءً أدعو به في صلاتي؟ قال: "قل: اللهم إني ظلمت نفسى ظلمًا كثيرًا، وإِنه لا يغفر الذنوب إلَّا أَنت، فاغفر لى مغفرة من عندك، وارحمنى إنك أنت الغفور الرحيم".