ثم ذكرت أَن البُدْنَ المهداة من شعائر الله، وأَنها تذبح قائمة على قوائمها، وبينت أَن الله تعالى لن يصل إِليه شيء من لحومها بل تصل إِليه التقوى ممن أَهْدَوْها فينبغى لهم أَن يشكروه على تسخيرها لهم، ويكبروه على ما هداهم، وأَن هؤُلاء الحجاج الشاكرين المكبرين لهم البشرى على إِحسانهم، ثم عقبت ذلك ببيان أَنه تعالى تكفل بالدفاع عن المؤمنين، لأنه لا يحب كل مختال فخور.
وبينت أنه تعالى أَذن للمهاجرين الذين أُخْرِجوا من ديارهم بغير حق أَن يقاتلوا دفاعًا عن أَنفسهم، وأَنه تعالى قد شرع لعباده شرعة الدفاع، فلولاه: {لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا}.
ثم ذكرت أَن الرسول ليس وحده في تكذيب قومه إِياه، فقد كُذَّب نوح وهود وصالح وإبراهيم ولوط وشعيب وموسى من أَقوامهم، وأَنه تعالى أَهكهم، وأَنه - سبحانه - أَمهل كثيرا من القرى وهى ظالمة، ثم أَخذها وإِليه المصير ليعاقبها في الآخرة بعد إِهلاكها في الدنيا، والمقصود مما ذكر تسلية الرسول - صلى الله عليه وسلم - عما أَصابه من قومه، ووعيد قومه بأَنهم إن لم يؤمنوا أَصابهم ما أَصاب الأُمم التي قبلهم وأَن عليهم أَن لا يَغْتَرُّوا بإِمهالهم.
ثم بينت أَن الشيطان كما يوسوس للمشركين من أُمته - صلى الله عليه وسلم - فيلقى في نفوسهم الشَّبَه والتخيلات أَثناء قراءَته ليجادلوه بالباطل، فإِنه فعل مثل ذلك مع أُمم الأَنبياءِ والمرسلين السابقين وأَنه تعالى ينسخ ما يلقى الشيطان من الشبه - أَي يبطله - بتوفيق النبي - صلى الله عليه وسلم - لرده، أَو بإنزال ما يرده ثم يأّى الله بآياته محكمة لا تنال منها شبهة من الشياطين وأَوليائهم.
ثم بينت أَنه لا يزال الذين كفروا في مرية منه لعماهم عن الحق حتى يأْتيهم عذاب يوم عقيم، والملك يومئذ يتفرد به الله، فيحكم بينهم ويجزى كل امرىءٍ بما قدمت يداه.
وذكرت أَن من أَدركه الموت بعد الهجرة - سواءٌ أَمات حتف أَنفه أَو قتل في سبيل الله - فإن الله يرزقه في الجنة رزقًا حسنا بسبب هجرته، وأَن من عاقب المعتدى بمثل ما بدأَه به من