الاعتداءِ، ثم تمادى المعتدى فإِن الله ينصر من بُغِىَ عليه، ذلك بأَن الله هو الحق, وما يعبده المشركون من دونه هو الباطل، وأَن الله هو العلى الكبير.
ثم تحدثت عن آيات الله في إِنباته من الأَرض نباتًا بهيجًا، وفي تسخيره ما في السموات والأَرض، وإِمساكه السماءَ أَن تقع على الأرض إِلا بإِذنه، وفي الإِحياءِ والإِماتة، وذكرت أَنه تعالى جعل لكل أُمة منسكا وشريعة، فلا يصح أن ينازعك أَحد يا محمد فيما شرعه الله لأُمتك من الشريعة العامة الخاتمة، فإِن جادلوك ففوض الأمر إِلينا، فسوف نحكم بينك وبينهم يوم القيامة فيما كنتم فيه تختلفون.
وتحدثت عن أَن معبودات المشركين لا تصلح للعبادة لأَنها ضعيفة وقد بلغ من ضعفها أَنها لا تستطيع أَن تخلق ذبابا ولو اجتمعت لخلقه - وإِن سلبها الذباب شيئًا لا تستطيع استعادته منه {ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ}، وأَن المشركين {مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ}.
وأَنه تعالى: {يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا} للأَنبياء {وَمِنَ النَّاسِ}، رسلا للبشر فلا وجه لاعتراض مشركى مكة على اختيار محمد - صلى الله عليه وسلم - للرسالة، وطالبتِ المؤمنين في ختامها بأن يركعوا ويسجدوا ويعبدوا ربهم ويفعلوا الخير ليفلحوا، وأَن يجاهدوا في سبيل الله حق جهاده لأَنه اجتباهم، وأنه سبحانه ما جعل عليهم في الدين من حرج ملة أَبيهم إِبراهيم, وأَنه سماهم المسلمين من قبل وفي هذا القرآن ليكون الرسول شهيدا عليهم ويكونوا شهداءَ على الناس، ولهذا يجب عليهم أَن يقيموا الصلاة ويؤْتوا الزكاة ويعتصموا بالله الذي هو مولاهم {فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ}.