115 - {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ ... } الآية.
أي ما حرم الله عليكم من المطعومات إِلا هذه الأصناف الأربعة، التي حرمها لمصلحتكم دينًا ودنيا:
أولها: (الْمَيْتَة) على أيِّ نحوٍ كان موتها، وهي كل ما لم يُذكَّ ذكاة شرعية.
ويستثنى من الميتة السمك والجراد فقد أُحلت ميتتهما، لما أخرجه ابن ماجه والحاكم وغيرهما من حديث ابن عمر رضى الله عنهما مرفوعًا: (أُحلت لنا ميتتان ودمان: السمك والجراد، والكبد والطُّحال).
وثانيها: (الدَّم) والمراد به الدم المسفوح، كما جاء صريحًا فى قوله تعالى: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا} (?).
وإِنما حرم الدم المسفوح: لأنه يحتوى على جراثيم الأمراض، ويسرع إليه الفساد، بخلاف المعقود وهو الكبد والطّحال، ولذا يحل أكله إذا كان من حيوان مذكًّى.
وثالثها: (لَحْمُ الخِنْزِيرِ) فإنه قذر، وأشهى الغذاء إليه القاذورات والنجاسات، وهو ضار في جميع الأقاليم ولا سيما الحارة منها. وأكل لحمه من أسباب الدّودة الشريطية الفتاكة: ومثل لحمه شحمُه وغضاريفه فإِن جميع أَجزائه قذر نجس ولو ذبح.
ورابع هذه المحرمات: (مَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بهِ) أى ما ذكر اسم غير الله تعالى عليه.
حرمت الثلاثة الأُولى لخبث ذاتها، وحرم ما ذكر اسم غير الله تعالى عليه لخبثه معنًى، فقد ذكر عليه عند ذبحه اسم غير خالقه المنعم به.
والمراد بغير الله تعالى: ما يشمل الأصنام وغيرها من المعبودات.
وذهب جماعة من التابعين وأَهل العلم، إلى أن المراد بما أُهل لغير الله به: ما ذبح للأَصنام، لا ما ذكر عليه اسم المسيح أو عُزَير، لقوله تعالى في سورة المائدة -وهي من آخر السور نزولًا-؛ {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ}. فالمراد بطعام الذين أُوتوا الكتاب: ذبائحهم، كما روى البخاري فى صحيحه عن ابن عباس رضى الله عنهما، أمَّا مطلق الطعام كالخبز والفاكهة فإنه يحل من أيِّ كافر كان بالإجماع. قال الآلوسي فى تفسيرها: