{إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ}:
أي إن كنتم تعبدون الله كما تزعمون، فأطيعوه فيما أمركم به، واجتنبوا ما نهاكم عنه: ولا تحرموا ما أحل الله لكم، ولا تفتروا على الله الكذب بتحريم البحائر والسوائب ونحوها.
وقيل إن الخطاب في الآية الكريمة للمؤْمنين، وهو مروى عن ابن عباس رضي الله عنهما، وعليه اقتصر ابن كثير.
ومعنى الآية على أن الخطاب فيها للمؤمنين خاصة:
وإذ تبين لكم أيها المؤمنون حال من ضُرب لهم المثل من الكفار وما انتهوا إليه. فاسلكوا أنتم سبيل الشكر، وكلوا بما رزقكم الله وجعله لكم حلالا طيبا, ولا تحرموه على أنفسكم، واشكروا نعم الله عليكم بطاعته وطاعة رسوله, إن كنتم تخصون الله ربكم بالعبادة, كما هو مقتضى إيمانكم به وحده.
ويجوز أن يكون الخطاب في الآية الكريمة للناس جميعا مؤمنهم وكافرهم. فيشمل القولين السابقين، وهو مناسب لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ} (?).
ولعل هذا هو مراد شيخ المفسرين ابن جرير الطبرى إذ قال: يقول تعالى ذكره: (فكلوا أيها الناس مما رزقكم الله من بهائم الأنعام التي أحلها لكم - كلوه - حلالًا طيبا مُذكَي بريئًا من الإثم، واشكروا الله علي نعمه التي أنعم بها عليكم، من ذلك من غيره من النعم, إن كنتم تعبدون الله وحده فأطيعوه فما يأمركم به وينهاكم عنه) اهـ بتصرف يسير.
ولما أمرهم الله تبارك وتعالى أن يأكلوا مما أحل لهم من رزقه ناسب أن يبين ما حرم عليهم ليعلموا أن ما عداه حلال طيب، وأن التحلل والتحريم بأمره سبحانه لا بأهوآئهم فقال: