ويأتي كثيرا. (فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ): العصف: اشتداد الريح، وُصف به زمان هبوبها تقوية لشدتها وتوكيدا، كما وصف النهار بالصيام والليل بالقيام في قولهم: نهاره صائم وليله قائم لكثيرِ الصيامِ والقيام ِ.
التفسير
18 - (مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ ... ) الآية.
بعد أَن بين الله تبارك وتعالى في الآيات السابقة، ما يلقاه الكفار من العذاب الشديد يوم القيامة -بَيّن في هذه الآية أَن أَعمال الخير التي عملوها في الدنيا، تصير كلها في الآخرة ضائعةً باطلة، لا ينتفعون بشيء منها، وكذلك ما قدموه من القرابين لآلهتهم زاعمين أَنها تقربهم إِلى الله تعالى.
والمعنى: أَن أَعمال الكافرين التي يتقربون بها إِلى آلهتهم، أَو يفعلونها رغبة في البر -صِفتُها في حبوطها وذهابها دون أَن ينتفع بها أَصحابها يوم القيامة، وهم في أَشد الحاجة إِلى ثوابها- صِفَتُها -كصفة رماد بعثرته الريح الشديدة وفرّقته فلم تدعْ له أَثرا، لأَنها مَبْنيَّةً على أَساس باطل وهو الكفر، وما بني على باطل فهو مردود، وفي ذلك يقول الله تعالى: "وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا" (?).
ثم أَكد سبحانه حبوط هذه الأَعمال وذهابَها، وعجزَ الكفرة عن الانتقاع بها فقال:
(لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ): أَي لا يقدر أُولئك الكافرون على نيل ثواب لما عملوه ينفعهم يومئذ، فقد أَضاعه كفرهم، كما أَضاعت الريح الشديدة التراب وبعثرته ولم تُبْقِ منه شيئا.
(ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ):
أي ذلك الكفر الذي جعل أَعمالهم الصالحة ضائعة لا ينتفعون بها، هو الضلال البعيد عن الطريق الموصل إِلى الخير، وإِلى الغاية الحميدة.