قبله. ولهذا ختمت الآية بقوله سبحانه وتعالى:
(وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ): والضمير في (ورائه) يعود إِلى كل جبار أَو إِلى العذاب المفهوم من الكلام السابق. والمعنى: وأَمام كل جبار أَو: وأَمام كل عذاب ذاقه الجبار -عذابُ آخر شديد الغلظة، وأَهوال العذاب وأَنواعه وأشكاله لا يحصيها إِلا الله تعالى: "جَزاءً وِفَاقًا" (?) ". وَمَا ربُّكَ بِظَلاَّمٍ للْعَبِيدِ". (?) واعلم أَن عذاب الكفر يتفاوت في الشدة وأَن النار دَركَات كما أَن الجنة درجات، وأَنه لا يستوى كافر عنيد متمرد يسعى في الأَرض فسادا، وكافر مغلوب على أَمره، وفي تفاوت عذاب الكفار يقول اللهَ تعالى: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا). (?) ويقول صلي الله عليه وسلم فيما رواه الشيخان عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما "إِن أَهون أَهل النار عذابًا يوم القيامة لَرَجُلٌ وُضِعَ في أُخمص قدميه جمرةٌ يغلى منها دمِاغه" (?).
(مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ (18))
المفردات:
(مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا). المثل في أَصل اللغة: بمعنى الشبيه والنظير، كالمثل والمثيل. ويطلق على الحال والصفة التي لها شأْن وفيها غرابة، كما فى هذه الآية وأَمثالها مما تقدم مرارا