ثم عقب الله هذه الآية بما يدل على كمال قدرته وشمول علمه وقضائه وقدره المبنيين على الحكم والمصالح، تنبيهًا على أَن تخصيص كل قوم بنبي، وكل نبي بجنس معين من الآيات إِنما هو للحِكَم الداعية إِليها، وذلك بقوله سبحانه:

{اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ (8) عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ (9) سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ (10)}

التفسير

8 - (اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ):

لمَّا تقدم إِنكارهم البعث. وكان من أَقوى شبههم ما شهدوه من تفرق الأَجزاءِ وزوال صفاتها. نبه سبحانه بهذه الآية على إِحاطة علمه جل شأْنه، فلا يعزب عنه مثقال ذرة في الأَرض ولا فى السماءِ دحضًا لشبهتهم. وإِزاحة لها.

والمعنى: الله يحيط علمه بما تحمله الحوامل من مبدإِ الحمل إِلى زمن الولادة فلا يخفى عليه شىءٌ مما يتعلق بذات الجنين أَو صفاته من كونه ذكرًا أَو أُنثى، أَو صبيحًا أَو قبيحًا أَو صالحًا أَو طالحًا أَو شقيًا أَو سعيدًا.

(وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ): أَي يعلم ما تنقصه الأَرحام في ذات المولود أَو مدته نتيجة لما يغيض له في أَطواره عن أَسباب تجعله ينزل سقطًا أَو لأَقل من مدة الحمل الغالبة أَو لأَكثر منها أَو لما أُلف وعهد فيها.

(وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ):

أَي وكل شيءٍ في علم الله وتقديره من الأَعيان والأعراض له في كل مرتبة من مراتب التكوين قدر معين في ذاته وفي زمنه، وحاله لا يتخطاه ولا يجاوزه بأَى حال من الأَحوال.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015