وذلك عام في الأَجنة والآجال والأَرزاق وغيرها. وفي الحديث الصحيح: "أَن إِحدى بنات النبي صلى الله عليه وسلم بعثت إِليه أَن ابنًا لها في الموت وأَنها تحب أَن تحضره فبعث إِليها: "إِنَّ لِلَّه ما أَخذ وله ما أَعطى وكل شيءٍ عنده بأَجل مسمى فمروها فلتصبر ولتحتسب". والحديث لمسلم ورواه البخاري في كتاب الجنائز بمخالفة يسيرة. والمقصود بإِحدى بنات النبي صلى الله عليه وسلم زينب امرأَة أَبي العاص بن الربيع.
9 - (عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ .... ) الآية.
أَي يعلم سبحانه وتعالى الغائب عن الخلق والظاهر لهم. فينفرد بكل باطن خفى -لا يشاركه في علمه به أَحد، وأَما ما يقوله أَهل الطب من استدلالهم في طلبهم على ما خفى بأَمارات وعلامات فذلك ظنى لا يقينى (?). والتعبير عن الغائب والحاضر بالمصدر مبالغة في كون الغائب كأَنه نفس الغيب لشدة خفائه. وكون الحاضر لقوة وضوحه كأَنه نفس الشهادة والوضوح. وأَخرج ابن أَبي حاتم عن ابن عباس أَن الغيب السِّر والشهادة العلانية.
(الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ): الذىَ تعالى قدره وعظم شأْنه، واستعلى على سواه في ذاته وصفاته وأفعاله.
10 - {سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ}:
بعد ما بين الله تعالى أَنه عالم بجميع أَحوال الإِنسان في مراتب فطرته ومحيط بعالمى الغيب والشهادة، جاءَت هذه الآية لبيان أَنه لا فرق في علمه بين السِّرِّ والعلن، والجلى والخفى، فيستوى في علمه من أَسر القول منهم وأَخفاه عن غيره، ومن جهر به وأَذاعه خيرًا كان أَو شرًّا، فيعلم سر الأَول كعلمه بجهر الثاني من غير تفاوت بينهما في كيفية علمه بهما ودرجته، كما يستوى في علمه من يبالغ في الاستتار والتخفى في ظلمة الليل، ومن هو سارب وبارز بالنهار.