التفسير
116 - {وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ ... } الآية.
أفادت هذه الآية: أن الله - سبحانه - يبكت أتباع عيسى على اتخاذه وأُمه إِلهَيْن من دون الله. وأَن عيسى - عليه السلام - تَبرَّأَ من دعواهم هذه. وأَشهد اللهَ على براءَته.
ويرى بعضُ العلماءَ: أَن ما جاءَ في الآية حَدَثَ في الدنيا.
ويرى آخرون: أَنه سَيحْدُثُ في الآخرة.
والتعبير بلفظ (قال)؛ لتحققه.
وإليه ذهب قتادة.
والمعنى على هذا: واذكر يا محمد للناس، وقت قول الله - عزَّ وجل - في الآخرة؛ توبيخا للكفرة، وتبكيتا لهم: أَأَنت يا عيسى، قلت للناس: اتخذونى وأُمَىَ إلهَيْن من دون الله، مع أَنك أُرسلت إليهم بدعوة التوحيد؟
وقد نعى الله على الذين اتخذوا المسيح إِلها، في مواضع عدة من هذه السورة.
وعبادة أمه كانت معروفة في الكنائس الشرقية والغربية، وسُمِّىَ الذين عبدوها: "المَرْيَمِيُّونَ" ... وهذه العبادة منها:
ما هو صلاة ذات دعاء وثناء على المعبود.
ومنها ما هو استغاثة، واستشفاع.
ومنها ما هو صيام ينسب إِليها، ويسمى صيام العذراء.
وكل ذلك يقترن بخضوع وخشوع لذكرها ولصورها ولتماثيلها، واعتقاد السلطة الغيبية لها، وأنها تنفع وتضر: في الدنيا والآخرة، إِما بنفسها أَو بواسطة ابنها. ويسمونها: "والدة الإِله".
ولا تزال هذه الصور موجودة لدى طوائف المسيحيين على اختلاف مذاهبهم.
(قَالَ سُبْحَانَكَ):
أَي: تنزيهًا لك يا أَلله، عن أَن يكون معك إله آخر.