مُوسَى {36} وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى {37} أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى {38} وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلا مَا سَعَى {39} } [النجم: 33-39] .

{أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى} [النجم: 33] أدبر عن الحق والإسلام، يعني: الوليد بن المغيرة، كان قد آمن، ثم عيره بعض المشركين بترك دينه، فقال: إني خشيت عذاب الله.

فقال: أنا أتحمل عنك العذاب، إن أعطيتني من مالك كذا وكذا.

فرجع إلى الشرك، وأعطى الذي عيره بعض ذلك المال، ومنعه تمامه، وذلك قوله: {وَأَعْطَى قَلِيلا وَأَكْدَى} [النجم: 34] قال الفراء: أمسك من العطية وقطع.

وقال المبرد: منع منعًا شديدًا.

{أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ} [النجم: 35] ما غاب عنه من أمر العذاب، فهو يرى أي: يعلم أن صاحبه يتحمل عنه عذابه.

{أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ} [النجم: 36] لم يخبر، ولم يحدث، {بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى} [النجم: 36] يعني: أسفار التوراة.

وإبراهيم وفي صحف إبراهيم، الذي وفى وتمم، وأكمل ما أمر به، قال المفسرون: بلغ قومه، وأدى إليهم ما أمر به.

وقال آخرون: أكمل ما يجب لله عليه من الطاعة، في كل ما أمر، وامتحن به.

ثم بين ما في صحفهما، فقال: {أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [النجم: 38] أي: لا تحمل نفس حاملة حمل أخرى، ومعناه: لا تؤاخذ نفس بإثم غيرها، وفي هذا إبطال لقول من ضمن للوليد أن يحمل عنه الإثم، وهذا عام في كل شريعة، وقد روي في شرعنا: أن رؤساء الكفر، والداعين إلى الضلالة، يزاد لهم الوزر، بسبب إضلالهم أتباعهم، وهو قوله تعالى: {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالا مَعَ أَثْقَالِهِمْ} [العنكبوت: 13] ، وقوله: {وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ} [النحل: 25] فأما أن تحمل نفس ذنب نفس أخرى، حتى تصير المحمول عنها، كأنها لم تأت بذنب، فليس ذلك في شريعة.

{وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلا مَا سَعَى} [النجم: 39] عطف على قوله تعالى: ألا تزر وهذا أيضًا مما في صحف إبراهيم وموسى، ومعناه: ليس له جزاء إلا جزاء سعيه، إن عمل خيرًا جزي خيرًا، وإن عمل شرًا جزي شرًا، وروى الوالبي، عن ابن عباس: أن هذا منسوخ الحكم في هذه الشريعة، بقوله: {أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} [الطور: 21] رفع الله درجة الذرية، وإن لم يستحقوها بأعمالهم.

ونحو هذا قال

طور بواسطة نورين ميديا © 2015