التقاطع والتدابر والأحقاد والضغائن، وإهمال العمل للآخرة، ومراعاة مصالح الأمة وخيرها، وتصحيح السلوك والأخلاق، وستعلمون عاقبة ذلك يوم القيامة، وهذا زجر ووعيد.
ثم أكد الله تعالى ذلك الزجر والوعيد للاتعاظ، أي ارتدعوا عن هذا اللهو بالدنيا، فإنكم لو تعلمون الأمر الذي أنتم صائرون إليه علما يقينيا، لانشغلتم عن التكاثر والتفاخر، ولبادرتم إلى صالح الأعمال، ولما ألهاكم التباهي عن أمر الآخرة العظيم والإعداد لها. وهذا زيادة في الزجر واللوم عن الانهماك في الدنيا، والانهماك بمظاهر الحياة الزائلة.
وقوله تعالى: كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ جواب (لو) محذوف مقدر في القول، أي لازدجرتم وبادرتم إنقاذ أنفسكم من الهلكة. واليقين: أعلى مراتب العلم. ثم فسر الله تعالى الوعيد، وأخبر الناس أنهم يرون الجحيم بقوله: لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ (6) أي لتشاهدن النار في الآخرة، أي تذوقوا عذابها، وهذا جواب قسم محذوف، وهو توعد بحال رؤية النار، التي إذا زفرت زفرة واحدة، خرّ كل ملك مقرّب، ونبي مرسل، على ركبتيه من المهابة والعظمة ومعاينة الأهوال الجسام.
ثم أكد الله تعالى ذلك الوعيد بقوله: ثُمَّ لَتَرَوُنَّها عَيْنَ الْيَقِينِ (7) أي ثم لتشاهدنّ الجحيم مشاهدة عيانا هي نفس اليقين، وهي المشاهدة أو الرؤية بأعينكم، فإياكم من الوقوع فيما يؤدي إلى النار من اقتراف المعاصي والسيئات.
ثم أكد الله تعالى المساءلة عن الأعمال، للتحذير، فقال: ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ (8) أي إنكم سوف تسألون عن نعيم الدنيا الذي ألهاكم عن العمل للآخرة، وتسألون عن أنواع نعيم الدنيا، من أمن وصحة وفراغ ومأكول ومشروب ومسكن، وغير ذلك من النعيم. قال الزمخشري: عَنِ النَّعِيمِ عن اللهو والتنعم