وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقائِهِ وَجَعَلْناهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ (23) وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا وَكانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ (24) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (25) أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَساكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ أَفَلا يَسْمَعُونَ (26) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْماءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلا يُبْصِرُونَ (27)
وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (28) قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمانُهُمْ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ (29) فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ (30)
[السجدة: 32/ 23- 30] .
هذه أخبار فيها عظة واقعية، أولها تطمين النبي صلى الله عليه وآله وسلّم حول إيتائه الرسالة الكاملة، فلقد آتى الله موسى عليه السلام التوراة. فلا تكن يا محمد في شك من لقائك الكتاب، فإنا آتيناك القرآن كما آتينا موسى التوراة، فأنت كغيرك من الرسل، والصلة قائمة بين الرسالتين، فإن التوراة جعلت هداية وإرشادا لبني إسرائيل، وكذلك القرآن المجيد هداية لأمتك أيها النبي محمد، والمتأخر ينسخ المتقدم.
والمقصود من الآية: حمل اليهود على التصديق برسالة محمد صلّى الله عليه وسلّم وتحريض المشركين أيضا على التصديق بتلك الرسالة، للتشابه القائم بين الرسالتين والمهمتين، في أصولهما المشتركة، وفي ذات ما أنزل على كل من موسى ومحمد صلى الله عليهما وسلم.
ولقد جعلنا من بني إسرائيل أئمة يقتدى بهم، يدعون إلى الحق والخير والإيمان، بإذننا وتوفيقنا وإعانتنا، لما صبروا على طاعة الله وتنفيذ الدين الحق، وتصديق الرسل واتباعهم، وكانوا بآياتنا الدالة على التوحيد والقدرة الإلهية مصدّقين موقنين.
إن ربك أيها النبي يقضي يوم القيامة بين عباده فيما اختلفوا فيه من قضايا